للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ بَلَغَ لَا بِسِنٍّ) بَلْ بِإِنْزَالٍ أَوْ حَيْضٍ، أَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَوْ أَصَابَ كُلَّ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ بَعْضُهُ وَخَفِيَ مَكَانُهَا (فِي الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا لِلْعَتَّابِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ وُجُوبُهُ عَلَى مَجْنُونٍ أَفَاقَ.

قُلْت: وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مَتْنًا، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ أَنَّهُ رَأَى مَنِيًّا وَهَلْ السَّكْرَانُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَذَلِكَ؟ يُرَاجَعُ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَسْلَمَ طَاهِرًا أَوْ بَلَغَ بِالسِّنِّ (فَمَنْدُوبٌ) .

(وَسُنَّ لِصَلَاةِ جُمُعَةٍ وَ) لِصَلَاةِ (عِيدٍ)

ــ

[رد المحتار]

وَمَبْنَى الْفَرْقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهَا بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ حَدَثٌ حُكْمِيٌّ يَسْتَمِرُّ مِثْلُ الْجَنَابَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسَافِرَةَ لَوْ تَيَمَّمَتْ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضِ، فَإِذَا وَجَدَتْ الْمَاءَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْجُنُبِ فَقَدْ ثَبَتَ لَهَا حَدَثٌ حُكْمِيٌّ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ، هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَقَّقَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَقَدْ حَقَّقَ فِي الْحِلْيَةِ هَذَا الْمَقَامَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ بِإِنْزَالٍ) عَامٌّ فِي الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ وَالْحَيْضُ قَاصِرٌ عَلَيْهَا كَالْوِلَادَةِ ط، وَقِيلَ لَوْ بَلَغَ بِالْإِنْزَالِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ لَمْ تَرَ دَمًا) هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ، وَبِهِ أَخَذَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ الدَّمِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّبْيِينِ وَالْبُرْهَانِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي نُورِ الْإِيضَاحِ؛ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ أَنَّ الْمُخْتَارَ الْوُجُوبُ احْتِيَاطًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَصَابَ إلَخْ) كَذَا عَدَّهُ بَعْضُهُمْ هُنَا مِنْ الِاغْتِسَالَاتِ الْمَفْرُوضَةِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، فَعَدَّهُ مِنْ ذَلِكَ سَهْوًا اهـ أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ لَا الْحَقِيقِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ) فِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي الِاتِّفَاقَ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَتْ حَائِضًا قَبْلَ الِانْقِطَاعِ وَعَلَى مَنْ بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْأَنْجَاسِ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَوْ أَخْفَى مَحَلَّ النَّجَاسَةِ يَكْفِي غَسْلُ طَرَفِ الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ. هَذَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا مَا نَصُّهُ: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا لِلْعَتَّابِيَّةِ: وَالْمُخْتَارُ وُجُوبُهُ عَلَى مَجْنُونٍ أَفَاقَ. قُلْت: وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مَتْنًا، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ أَنَّهُ رَأَى مَنِيًّا، وَهَلْ السَّكْرَانُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَذَلِكَ يُرَاجَعُ اهـ قِيلَ وَهَذَا ثَابِتٌ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ الْأَصْلِيَّةِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسْخَةِ الْمُصَحَّحَةِ. أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلَ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْضًا عَنْ السِّرَاجِيَّةِ: الْمَجْنُونُ إذَا أَجْنَبَ ثُمَّ أَفَاقَ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ اهـ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْغُسْلِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ جُنُبًا لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَقْتَ الْجَنَابَةِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت فَلِذَا كَانَ الْمَجْنُونُ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَهَلْ السَّكْرَانُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَيْ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِمَا لَوْ رَأَيَا مَنِيًّا لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَقَالَ يُرَاجَعُ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ ذَلِكَ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: أُغْشِيَ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ وَوَجَدَ مَذْيًا أَوْ مَنِيًّا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَأَى بَلَلًا شَكَّ أَنَّهُ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَرُؤْيَةُ مُسْتَيْقِظٍ أَنَّهُ خَرَجَ رُؤْيَةُ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ الْمَذْيَ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْمُنْيَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ بِرُؤْيَةِ الْمَنِيِّ يَجِبُ الْغُسْلُ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ أَسْلَمَ طَاهِرًا) أَيْ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ اغْتَسَلَ أَوْ أَسْلَمَ صَغِيرًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ بِالسِّنِّ) أَيْ بِلَا رُؤْيَةِ شَيْءٍ، وَسِنُّ الْبُلُوغِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ إلَخْ) هُوَ مِنْ سُنَنِ الزَّوَائِدِ، فَلَا عِتَابَ بِتَرْكِهِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ. وَذَهَبَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إلَى أَنَّ هَذِهِ الِاغْتِسَالَاتِ الْأَرْبَعَةَ مُسْتَحَبَّةٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ إنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ حَسَنٌ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَوَّاهُ فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ اسْتَظْهَرَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ أَمِيرٍ حَاجٍّ فِي الْحِلْيَةِ اسْتِنَانُهُ لِلْجُمُعَةِ لِنَقْلِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ، وَبَسَطَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>