للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنُ كَمَالٍ (لَا يَنْفُذُ مُطْلَقًا) نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا عِنْدَهُمَا وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (وَبِهِ يُفْتِي) مَجْمَعٌ وَوِقَايَةٌ وَمُلْتَقَى وَقِيلَ بِالنَّفَاذِ يُفْتَى. وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ قَضَى مَنْ لَيْسَ مُجْتَهِدًا كَحَنِيفَةِ زَمَانِنَا بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ عَامِدًا لَا يَنْفُذُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا نَاسِيًا عِنْدَهُمَا وَلَوْ قَيَّدَهُ السُّلْطَانُ بِصَحِيحِ مَذْهَبِهِ كَزَمَانِنَا تَقَيَّدَ بِلَا خِلَافٍ لِكَوْنِهِ مَعْزُولًا عَنْهُ انْتَهَى، وَقَدْ غَيَّرْت بَيْتَ الْوَهْبَانِيَّةِ فَقُلْت:

ــ

[رد المحتار]

وَاعْلَمْ بِأَنَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ... جَاءَتْ رِوَايَاتٌ غَدَتْ مُنِيفَهْ

اخْتَارَ مِنْهَا بَعْضَهَا وَالْبَاقِي ... يَخْتَارُ مِنْهُ سَائِرُ الرِّفَاقِ

فَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ جَوَابُ ... كَمَا عَلَيْهِ أَقْسَمَ الْأَصْحَابُ

(قَوْلُهُ: وَابْنُ كَمَالٍ) قَالَ فِي شَرْحِهِ لَمْ يَقُلْ بِخِلَافِ رَأْيِهِ لِإِيهَامِهِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي الْمُجْتَهِدِ خَاصَّةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لَا يَنْفُذُ مُطْلَقًا إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَوْ قَضَى فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ نَاسِيًا لِمَذْهَبِهِ مُخَالِفًا لِرَأْيِهِ نَفَذَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْفَدُ فِي الْوَجْهَيْنِ أَيْ وَجْهَيْ النِّسْيَانِ وَالْعَمْدِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهَا، وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ فِي الْفَتْوَى وَالْوَجْهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّارِكَ لِمَذْهَبِهِ عَمْدًا لَا يَفْعَلُهُ، إلَّا لِهَوًى بَاطِلٍ لَا لِقَصْدٍ جَمِيلٍ، وَأَمَّا النَّاسِي فَلِأَنَّ الْمُقَلِّدَ مَا قَلَّدَهُ إلَّا لِيَحْكُمَ بِمَذْهَبِهِ لَا بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ، فَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَإِنَّمَا وَلَّاهُ لِيَحْكُمَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَمْلِكُ الْمُخَالَفَةَ فَيَكُونُ مَعْزُولًا بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ اهـ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ: وَهَذَا صَرِيحُ الْحَقِّ الَّذِي يُعَضُّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ اهـ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ: وَادَّعَى فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْمُقَلِّدَ إذَا قَضَى بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ أَوْ بِرِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ أَوْ بِقَوْلٍ ضَعِيفٍ نَفَذَ. وَأَقْوَى مَا تَمَسَّكَ بِهِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا وَقَضَى بِالْفَتْوَى عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِهِ نَفَذَ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ وَلَهُ نَقْضُهُ، كَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ اهـ. وَمَا فِي الْفَتْحِ يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْهُمَا إذْ قُصَارَى الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ النَّاسِي لِمَذْهَبِهِ، وَقَدْ مَرَّ عَنْهُمَا فِي الْمُجْتَهِدِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ فَالْمُقَلِّدُ أَوْلَى اهـ مَا فِي النَّهْرِ، وَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ.

(قَوْلُهُ: مَنْ لَيْسَ مُجْتَهِدًا) وَكَذَا الْمُجْتَهِدُ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَنْفُذُ اتِّفَاقًا) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْعَامِدِ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّفَاذِ فَلَا تَصِحُّ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ.

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مَعْزُولًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ غَيْرِ مَا قُيِّدَ بِهِ، قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ الْقَضَاءَ بِصَحِيحِ مَذْهَبِهِ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ حُكْمِهِ بِخِلَافٍ لِكَوْنِهِ مَعْزُولًا عَنْهُ اهـ ح.

مَطْلَبُ الْحُكْمِ وَالْفَتْوَى بِمَا هُوَ مَرْجُوحٌ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ

قُلْت: وَتَقْيِيدُ السُّلْطَانِ لَهُ بِذَلِكَ غَيْرُ قَيْدٍ لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ وَالْفَتْوَى بِمَا هُوَ مَرْجُوحٌ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ اهـ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوَاهُ: وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْمُقَلِّدِ أَنْ يَحْكُمَ بِالضَّعِيفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ فَلَا يَعْدِلُ عَنْ الصَّحِيحِ إلَّا لِقَصْدٍ غَيْرِ جَمِيلٍ وَلَوْ حَكَمَ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ قَضَاءً بِغَيْرِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ الصَّحِيحُ وَمَا وَقَعَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ الضَّعِيفَ يَتَقَوَّى بِالْقَضَاءِ الْمُرَادُ بِهِ قَضَاءُ الْمُجْتَهِدِ كَمَا بُيِّنَ فِي مَوْضِعِهِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْغَرْسِ وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ الْمَحْضُ فَلَا يَقْضِي إلَّا بِمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى اهـ. وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ: أَمَّا الْقَاضِي الْمُقَلِّدُ فَلَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ إلَّا بِالصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ فِي مَذْهَبِهِ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ اهـ. وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ أَوَّلَ كِتَابِ الْقَضَاءِ وَقَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا بَسَطَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا مَا نَقَلَهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ عَنْ الْمُلْتَقَطِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ غَيَّرْت بَيْتَ الْوَهْبَانِيَّةِ) وَهُوَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>