للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصَيْدُ الْحَرَمِ لَا تُحِلُّهُ الذَّكَاةُ فِي الْحَرَمِ مُطْلَقًا (أَوْ كِتَابِيًّا ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا) إلَّا إذَا سُمِعَ مِنْهُ عِنْدَ الذَّبْحِ ذِكْرُ الْمَسِيحِ (فَتَحِلُّ ذَبِيحَتَهُمَا، وَلَوْ) الذَّابِحُ (مَجْنُونًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبْحَ) وَيَقْدِرُ

ــ

[رد المحتار]

حَلَالًا، وَقَوْلُهُ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ ذَبْحِ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا فَتَحِلُّ مِنْ مُحْرِمٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ (قَوْلُهُ فَصَيْدُ الْحَرَمِ لَا تُحِلُّهُ الذَّكَاةُ فِي الْحَرَمِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُذَكِّي حَلَالًا أَوْ مُحْرِمًا كَمَا أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يُحِلُّ الصَّيْدُ بِذَكَاتِهِ فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ، وَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَرَمِ يُفِيدُ أَنَّ الْحَلَالَ لَوْ أَخْرَجَهُ إلَى الْحَرَمِ وَذَبَحَهُ فِيهِ يَحِلُّ. قَالَ ط: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ اهـ.

أَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ الْأَتْقَانِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَكَذَا صَيْدُ الْحَرَمِ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ أَصْلًا لَا لِلْمُحْرِمِ وَلَا لِلْحَلَالِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الْهِدَايَةِ: لِأَنَّ الذَّكَاةَ فِعْلٌ مَشْرُوعٌ، وَهَذَا الصَّنِيعُ مُحَرَّمٌ فَلَمْ يَكُنْ ذَكَاةً (قَوْلُهُ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا) وَكَذَا عَرَبِيًّا أَوْ تَغْلِبِيًّا، لِأَنَّ الشَّرْطَ قِيَامُ الْمِلَّةِ هِدَايَةٌ، وَكَذَا الصَّابِئَةُ لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قُهُسْتَانِيٌ.

وَفِي الْبَدَائِعِ: كِتَابُهُمْ الزَّبُورُ وَلَعَلَّهُمْ فِرَقٌ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي الْجِزْيَةِ أَنَّ السَّامِرَةَ تَدْخُلُ فِي الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ يَدِينُونَ بِشَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَيَدْخُلُ فِي النَّصَارَى الْإِفْرِنْجُ وَالْأَرْمَنُ سَائِحَانِيٌّ. وَفِي الْحَامِدِيَّةِ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْيَهُودِيِّ أَنْ يَكُونَ إسْرَائِيلِيًّا وَفِي النَّصْرَانِيِّ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ أَنَّ الْمَسِيحَ إلَهٌ؟ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَدَمُهُ، وَبِهِ أَفْتَى الْجَدُّ فِي الْإِسْرَائِيلِيِّ، وَشَرَطَ فِي الْمُسْتَصْفَى لِحِلِّ مُنَاكَحَتِهِمْ عَدَمَ اعْتِقَادِ النَّصْرَانِيِّ ذَلِكَ. وَفِي الْمَبْسُوطِ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَأْكُلُوا ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ إنْ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَسِيحَ إلَهٌ وَأَنَّ عُزَيْرًا إلَهٌ، وَلَا يَتَزَوَّجُوا بِنِسَائِهِمْ، لَكِنْ فِي مَبْسُوطِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ: وَتَحِلُّ ذَبِيحَةُ النَّصَارَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ أَوْ لَا، وَمُقْتَضَى الدَّلَائِلِ الْجَوَازُ كَمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوَاهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ ذَبِيحَتَهُمْ وَلَا يَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ إلَّا لِلضَّرُورَةِ كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ اهـ.

وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ اشْتِرَاطَ مَا ذُكِرَ فِي النَّصَارَى مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا سُمِعَ مِنْهُ عِنْدَ الذَّبْحِ ذِكْرُ الْمَسِيحِ) فَلَوْ سُمِعَ مِنْهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّهُ عَنِيَ بِهِ الْمَسِيحَ قَالُوا يُؤْكَلُ إلَّا إذَا نَصَّ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ هِنْدِيَّةٌ، وَأَفَادَ أَنَّهُ يُؤْكَلُ إذَا جَاءَ بِهِ مَذْبُوحًا عِنَايَةٌ، كَمَا إذَا ذَبَحَ بِالْحُضُورِ وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ الذَّابِحُ مَجْنُونًا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْتُوهُ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ عَنْ النِّهَايَةِ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا قَصْدَ لَهُ وَلَا نِيَّةَ، لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ بِالنَّصِّ وَهِيَ بِالْقَصْدِ وَصِحَّةُ الْقَصْدِ بِمَا ذَكَرْنَا، يَعْنِي قَوْلَهُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبِيحَةَ وَيَضْبِطُ اهـ، وَلِذَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ، لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ: وَلَوْ سَمَّى وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ صَحَّ اهـ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ بَعْدَهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ اهـ فَإِنَّ الْمَجْنُونَ الْمُسْتَغْرِقَ لَا قَصْدَ لَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ إلَخْ) زَادَ فِي الْهِدَايَةِ: وَيَضْبِطُ، وَهُمَا قَيْدٌ لِكُلِّ الْمَعْطُوفَاتِ السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ، إذْ الِاشْتِرَاكُ أَصْلٌ فِي الْقُيُودِ، كَمَا تَقَرَّرَ قُهُسْتَانِيٌ، فَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلذَّابِحِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُ كَوْنِ الذَّابِحِ لَا لِلصَّبِيِّ كَمَا وَهَمَ.

وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ، فَفِي الْعِنَايَةِ قِيلَ يَعْنِي يَعْقِلُ لَفْظَ التَّسْمِيَةِ، وَقِيلَ يَعْقِلُ أَنَّ حِلَّ الذَّبِيحَةِ بِالتَّسْمِيَةِ وَيَقْدِرُ عَلَى الذَّبْحِ وَيَضْبِطُ: أَيْ يَعْلَمُ شَرَائِطَ الذَّبْحِ مِنْ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ وَالْحُلْقُومِ اهـ.

وَنَقَلَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ مَنَاهِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ فَيُشْتَرَطُ حُصُولُهُ لَا تَحْصِيلُهُ، فَلَا يَتَوَقَّفُ الْحِلُّ عَلَى عِلْمِ الصَّبِيِّ أَنَّ الذَّبِيحَةَ إنَّمَا تَحِلُّ بِالتَّسْمِيَةِ اهـ وَهَكَذَا ظَهَرَ لِي قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ مَسْطُورًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>