للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ قَوْلُهُ:

إنَّ الْجَنِينَ مُفْرَدٌ بِحُكْمِهِ ... لَمْ يَتَذَكَّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ

فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ إنَّ وَقَالَا إنْ تَمَّ خَلْقُهُ أُكِلَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» وَحَمَلَهُ الْإِمَامُ عَلَى التَّشْبِيهِ أَيْ كَذَكَاةِ أُمِّهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ رُوِيَ بِالنَّصْبِ، وَلَيْسَ فِي ذَبْحِ الْأُمِّ إضَاعَةُ الْوَلَدِ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِمَوْتِهِ.

(وَلَا يَحِلُّ) (ذُو نَابٍ يَصِيدُ بِنَابِهِ) فَخَرَجَ نَحْوُ الْبَعِيرِ (أَوْ مِخْلَبٍ يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ) أَيْ ظُفْرِهِ فَخَرَجَ نَحْوُ الْحَمَامَةِ (مِنْ سَبُعٍ) بَيَانٌ لِذِي نَابٍ. وَالسَّبُعُ: كُلُّ مُخْتَطِفٍ مُنْتَهِبٍ جَارِحٍ قَاتِلٍ عَادَةً (أَوْ طَيْرٍ) بَيَانٌ لِذِي مِخْلَبٍ (وَلَا) (الْحَشَرَاتُ) هِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَاحِدُهَا حَشَرَةٌ (وَالْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ) بِخِلَافِ الْوَحْشِيَّةِ فَإِنَّهَا وَلَبَنَهَا حَلَالٌ (وَالْبَغْلُ) الَّذِي أُمُّهُ حِمَارَةٌ، فَلَوْ أُمُّهُ بَقَرَةٌ أُكِلَ اتِّفَاقًا وَلَوْ فَرَسًا فَكَأُمِّهِ

ــ

[رد المحتار]

الْمَشَايِخِ. وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ: لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا إذَا قَطَعَ الْعُرُوقَ أَفَادَهُ ط

(قَوْلُهُ وَفِي مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَلَفْظَةُ قَوْلُهُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ: أَيْ قَوْلُ النَّسَفِيِّ وَمَا بَعْدَهُ مَقُولُ الْقَوْلِ، وَقَوْلُهُ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ إنْ أَيْ وَأَتَى بَدَلَهَا بِالْوَاوِ. وَقَالَ فِي الْمِنَحِ: فَفِيهِ بَعْضُ تَغْيِيرٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْجَنِينُ إلَخْ مِنْ الْمَتْنِ كَمَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي الْمِنَحِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا رَأَيْته فِي عِدَّةِ نُسَخٍ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بِالْأَسْوَدِ. وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنَّ الْجَنِينَ وَهُوَ الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ إنْ ذُكِّيَ عَلَى حِدَةٍ حَلَّ وَإِلَّا لَا، وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي تَذْكِيَتِهَا لَوْ خَرَجَ مَيِّتًا فَالشَّطْرُ الثَّانِي مُفَسِّرٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ رُوِيَ بِالنَّصْبِ) وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ، وَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي التَّشْبِيهِ مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا عُرِفَ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ، قِيلَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ ذَكَاةِ الْجَنِينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ:

وَعَيْنَاك عَيْنَاهَا وَجِيدُك جِيدُهَا ... سِوَى أَنَّ عَظْمَ السَّاقِ مِنْك دَقِيقُ

عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي ذَبْحِ الْأُمِّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَحِلَّ بِذَبْحِ أُمِّهِ لَمَا حَلَّ ذَبْحُهَا حَامِلًا لِإِتْلَافِ الْحَيَوَانِ وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ ظَاهِرٌ، لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ إنْ تَقَارَبَتْ الْوِلَادَةُ يُكْرَهُ ذَبْحُهَا، وَهَذَا الْفَرْعُ لِقَوْلِ الْإِمَامِ: وَإِذَا خَرَجَ حَيًّا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ فَمَاتَ يُؤْكَلُ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا اهـ

(قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ إلَخْ) كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ لِأَنَّهَا مِنْهُ إلَّا الْفَرَسَ وَالْبَغْلَ وَالْحِمَارَ أَتْقَانِيٌّ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَجَمَاعَةٌ.

وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ طَبِيعَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَذْمُومَةٌ شَرْعًا فَيُخْشَى أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ مِنْ طِبَاعِهَا فَيَحْرُمُ إكْرَامًا لِبَنِي آدَمَ، كَمَا أَنَّهُ يَحِلُّ مَا أُحِلَّ إكْرَامًا لَهُ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ. وَفِي الْكِفَايَةِ: وَالْمُؤَثِّرُ فِي الْحُرْمَةِ الْإِيذَاءُ وَهُوَ طُورًا يَكُونُ بِالنَّابِ وَتَارَةً يَكُونُ بِالْمِخْلَبِ أَوْ الْخُبْثِ، وَهُوَ قَدْ يَكُونُ خِلْقَةً كَمَا فِي الْحَشَرَاتِ وَالْهَوَامِّ، وَقَدْ يَكُونُ بِعَارِضٍ كَمَا فِي الْجَلَّالَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مِخْلَبٍ) مَفْعَلُ مِنْ الْخَلْبِ: وَهُوَ مَزْقُ الْجِلْدِ زَيْلَعِيٌّ، وَهُوَ ظُفْرُ كُلِّ سَبْعٍ مِنْ الْمَاشِي وَالطَّائِرِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ مِنْ سَبْعٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا: هُوَ حَيَوَانٌ مُنْتَهِبٌ مِنْ الْأَرْضِ مُخْتَطِفٌ مِنْ الْهَوَاءِ جَارِحٌ قَاتِلٌ عَادَةً فَيَكُونُ شَامِلًا لِسِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ أَوْ طَيْرٍ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِمُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ وَاحِدُهَا حَشَرَةٌ) بِالتَّحْرِيكِ فِيهِمَا: كَالْفَأْرَةِ وَالْوَزَغَةِ وَسَامِّ أَبْرَصَ وَالْقُنْفُذُ وَالْحَيَّةُ وَالضُّفْدُعُ وَالزُّنْبُورُ وَالْبُرْغُوثُ وَالْقُمَّلُ وَالذُّبَابُ وَالْبَعُوضُ وَالْقُرَادُ، وَمَا قِيلَ إنَّ الْحَشَرَاتِ هَوَامُّ الْأَرْضِ كَالْيَرْبُوعِ وَغَيْرِهِ، فَفِيهِ أَنَّ الْهَامَّةَ مَا تَقْتُلُ مِنْ ذَوَاتِ السُّمِّ كَالْعَقَارِبِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ) وَلَوْ تَوَحَّشَتْ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَحْشِيَّةِ) وَإِنْ صَارَتْ أَهْلِيَّةً وَوَضَعَ عَلَيْهَا الْإِكَافَ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ الَّذِي أُمُّهُ حِمَارَةٌ) الْحِمَارَةُ بِالْهَاءِ الْأَتَانُ قَامُوسٌ. وَقَالَ فِي بَابِ النُّونِ: الْأَتَانُ الْحِمَارَةُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَكَأُمِّهِ) فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي الْخَيْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>