للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالْخَيْلُ) وَعِنْدَهُمَا، وَالشَّافِعِيُّ تَحِلُّ.

وَقِيلَ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ عَنْ حُرْمَتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ وَلَا بَأْسَ بِلَبَنِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ (وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ) لِأَنَّ لَهُمَا نَابًا، وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ يَحِلُّ (وَالسُّلَحْفَاةُ) بَرِّيَّةٌ وَبَحْرِيَّةٌ (وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ) الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْخَبَائِثِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. ثُمَّ قَالَ: وَالْخَبِيثُ مَا تَسْتَخْبِثُهُ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ الْأُمُّ فِيمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ ط، وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ آخِرَ الْبَابِ

(قَوْلُهُ وَالْخَيْلِ) كَذَا قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ، وَمِثْلُهُ فِي الِاخْتِيَارِ. وَعِبَارَةُ الْقُدُورِيِّ وَالْهِدَايَة: وَيُكْرَهُ أَكْلُ لَحْمِ الْفَرَسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ. وَالْمَكْرُوهُ تَحْرِيمًا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْحِلِّ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ، فَأَفَادَ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ لِنَجَاسَةِ لَحْمِهَا وَلِهَذَا أَجَابَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَمَّا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ مِنْ طَهَارَةِ سُؤْرِ الْفَرَسِ بِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَكْلِ لِلِاحْتِرَامِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقَعُ بِهِ إرْهَابُ الْعَدُوِّ لَا لِلنَّجَاسَةِ فَلَا يُوجِبُ نَجَاسَةَ السُّؤْرِ كَمَا فِي الْآدَمِيِّ اهـ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ قُهُسْتَانِيٌ، ثُمَّ نَقَلَ تَصْحِيحَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْمُغْنِي وَقَاضِي خَانْ وَالْعِمَادِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ، وَأَفَادَ أَبُو السُّعُودِ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ قَالَا بِالْحِلِّ لَكِنْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ: قَالَ ط: وَالْخِلَافُ فِي خَيْلِ الْبَرِّ، أَمَّا خَيْلُ الْبَحْرِ فَلَا تُؤْكَلُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِلَبَنِهَا عَلَى الْأَوْجُهِ) نَقَلَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ قَالُوا: إنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ عِنْدَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ وَإِنْ زَالَ عَقْلُهُ كَالْبَنْجِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ: وَأَمَّا لَبَنُهُ فَقَدْ قِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شُرْبِهِ تَقْلِيلُ آلَةِ الْجِهَادِ، وَسَمَّاهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ مُبَاحًا فَقَالَ: السُّكْرُ مِنْ الْمُبَاحِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْبَنْجِ وَلَبَنِ الرِّمَاكِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ: قُلْت هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَجْهُهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ اخْتَارَهُ الْوَانِجَانِيُّ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْأَوْجَهِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءٌ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ تَحْرِيمًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالضَّبُعِ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا قُهُسْتَانِيٌ اسْمٌ لِلْأُنْثَى وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ ضِبْعَانُ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ. وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ يَحِيضُ وَيَكُونُ ذَكَرًا سَنَةً وَأُنْثَى أُخْرَى أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْأَبْيَارِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَهُمَا نَابًا) أَيْ يَصِيدَانِ بِهِ فَيَدْخُلَانِ تَحْتَ الْحَدِيثِ الْمَارِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَمَا رُوِيَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِمَا فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ مَتَى تَعَارَضَ نَصَّانِ غَلَبَ الْمُحَرِّمُ عَلَى الْمُبِيحِ كَمَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الضَّبِّ (قَوْلُهُ وَالسُّلَحْفَاةِ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَبِمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ رَمْلِيٌّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَضَبَطَهَا غَيْرُهُ بِكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ) أَيْ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ قُهُسْتَانِيٌ.

قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَأَمَّا الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْأَسْوَدُ فَهُوَ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: نَوْعٌ يَلْتَقِطُ الْحَبَّ وَلَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ. وَنَوْعٌ لَا يَأْكُلُ إلَّا الْجِيَفَ وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُصَنِّفُ الْأَبْقَعَ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَنَوْعٌ يَخْلِطُ يَأْكُلُ الْحَبَّ مَرَّةً وَالْجِيَفَ أُخْرَى وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ، وَهُوَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اهـ وَالْأَخِيرُ هُوَ الْعَقْعَقُ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَسَيَأْتِي

(قَوْلُهُ وَالْخَبِيثُ إلَخْ) قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْبَثَاتِ حَرَامٌ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى - {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧]- وَمَا اسْتَطَابَهُ الْعَرَبُ حَلَالٌ - {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [الأعراف: ١٥٧]- وَمَا اسْتَخْبَثَهُ الْعَرَبُ فَهُوَ حَرَامٌ بِالنَّصِّ، وَاَلَّذِينَ يُعْتَبَرُ اسْتِطَابَتُهُمْ أَهْلُ الْحِجَازِ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، لِأَنَّ الْكِتَابَ نَزَلَ عَلَيْهِمْ وَخُوطِبُوا بِهِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ أَهْلُ الْبَوَادِي لِأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَجَاعَةِ يَأْكُلُونَ مَا يَجِدُونَ، وَمَا وُجِدَ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْحِجَازِ رُدَّ إلَى أَقْرَبِ مَا يُشْبِهُهُ فِي الْحِجَازِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْهَا فَهُوَ مُبَاحٌ لِدُخُولِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>