للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُكَلِّمْنِي، ومرَّ مِنَ الْغَدِ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي. قَالَتْ: ومرَّ من الغد فلم يكلمني قلت: قَدْ وَجَدَ عليَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شيء قالت: فعصبت رأسي وصفَّرت وَجْهِي وَأَلْقَيْتُ وِسَادَةً قُبَالَةَ بَابِ الدَّارِ فَجَنَحْتُ عَلَيْهَا. قَالَتْ: فمرَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَظَرَ إليَّ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشتكيتُ وصُدعتُ. قال: يقول: بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ. قَالَتْ: فَمَا لَبِثَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى أُتِيتُ بِهِ يُحْمَلُ فِي كِسَاءٍ. قَالَتْ: فمرَّضته وَلَمْ أُمرض مَرِيضًا قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ. قَالَتْ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَأَخَذْتُهُ وَأَسْنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي. قَالَتْ: فَدَخَلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِيَدِهِ سِوَاكُ أَرَاكٍ رَطْبٍ. قَالَتْ: فَلَحِظَ إِلَيْهِ، قَالَتْ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، فَأَخَذْتُهُ فَنَكَّثْتُهُ بِفِيَّ فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ. قَالَتْ: فَأَخَذَهُ وَأَهْوَاهُ إِلَى فِيهِ. قَالَتْ: فَخَفَقَتْ يَدُهُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إليَّ حَتَّى إِذَا كَانَ فَاهُ فِي ثَغْرَةِ نَحْرِي سَالَ مِنْ فِيهِ نُقْطَةٌ بَارِدَةٌ اقْشَعَرَّ مِنْهَا جِلْدِي، وَثَارَ رِيحُ الْمِسْكِ فِي وَجْهِي، فَمَالَ رَأْسُهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ فنوَّمته عَلَى الْفِرَاشِ وغطَّيت وَجْهَهُ. قَالَتْ: فَدَخَلَ أَبِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَيْنَ؟ فَقُلْتُ: غُشِيَ عَلَيْهِ. فَدَنَا مِنْهُ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: يَا غَشْيَاهُ، مَا أَكْوَنَ هَذَا الْغَشْيَ ثُمَّ كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَعَرَفَ الْمَوْتَ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. ثُمَّ بَكَى. فَقُلْتُ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ انْقِطَاعُ الْوَحْيِ وَدُخُولُ جِبْرِيلَ بَيْتِي. ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ، عَلَى صِدْغَيْهِ، وَوَضَعَ فَاهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، فَبَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ عَلَى وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ غَطَّى وَجْهَهُ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالُوا: لَا وَاللَّهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عمر، فقال: يا عمر أعندك عهد بوفاة رسول الله؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَالَّذِي، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ ذَاقَ طَعْمَ الْمَوْتِ. وَقَدْ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي مَيِّتٌ وَإِنَّكُمْ مَيِّتُونَ. فَضَجَّ النَّاسُ وَبَكَوْا بُكَاءً شَدِيدًا، ثُمَّ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَغَسَّلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا نَسِيتُ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ أُغَسِّلْهُ إِلَّا قُلِبَ لِي حَتَّى أَرَاهُ عَلَيْهِ، فَأُغَسِّلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>