للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبَبٌ مُتَجَدِّدٌ وَبِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ زَالَ التَّحْرِيمُ بِسَبَبِ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً وَبَقِيَتْ مُحَرَّمَةً بِسَبَبِ مَا تَجَدَّدَ مِنْ حَيْضٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ ثَبَتَتْ الْإِبَاحَةُ الْمُطْلَقَةُ وَكَانَ الثَّابِتُ قَبْلَ ذَلِكَ مُطْلَقُ الْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ مُطْلَقِ الْإِبَاحَةِ وَالْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ فَظَهَرَ أَنَّ الْغَايَةَ عَلَى بَابِهَا لَمْ تُخَالِفْ مُقْتَضَاهَا بَلْ هِيَ مَعْمُولٌ بِهَا وَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ عَنْ الْآيَةِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)

إذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ وَزَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ وَارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَقَتَلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ فَهَذَا قَدْ أُبِيحَ دَمُهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَإِذَا عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْ الْقِصَاصِ ذَهَبَتْ الْإِبَاحَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ الْقَتْلِ وَثَبَتَتْ الْإِبَاحَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ فَالْإِبَاحَةُ الْمُرْتَفِعَةُ هَهُنَا نَظِيرُ الْإِبَاحَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مُطْلَقُ الْإِبَاحَةِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ غَيْرَ أَنَّهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَاصِلَةٌ وَهَهُنَا ذَاهِبَةٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)

فِي تَصْوِيرِ اجْتِمَاعِ التَّحْرِيمِ مُضَاعَفًا فِي أَئِمَّةٍ وَتَعَلُّقَاتِ الْخِطَابِ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ الزِّنَى مُحَرَّمٌ وَبِالْبِنْتِ أَشَدُّ وَبِهَا فِي الصَّوْمِ أَشَدُّ وَمَعَ الْإِحْرَامِ أَشَدُّ وَفِي الْكَعْبَةِ أَشَدُّ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَسْبَابٍ مِنْ التَّحْرِيمِ اجْتَمَعَتْ فَيَكُونُ هَذَا الْفِعْلُ مُحَرَّمًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ وَيَكُونُ الْإِثْمُ مُضَاعَفًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيَكُونُ خِطَابُ التَّحْرِيمِ قَدْ حَصَلَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَرْبَعَ تَعْلِيقَاتٍ فَإِذَا تَصَوَّرْت اجْتِمَاعَ التَّحْرِيمَاتِ تَصَوَّرْت ارْتِفَاعَ بَعْضِهَا وَحُصُولَ مُطْلَقِ الْإِبَاحَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ السَّبَبِ الْمُرْتَفِعِ وَتَصَوَّرْت أَيْضًا اجْتِمَاعَ الْوُجُوبَاتِ بِتَظَافُرِ أَسْبَابِهَا عَلَى الْفِعْلِ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ تَارَةً تَثْبُتُ مُطْلَقَةً وَتَارَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.

(الْفَرْقُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُقَرُّ مِنْ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ وَقَاعِدَةُ مَا لَا يُقَرُّ مِنْهَا)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَنْكِحَتُهُمْ عِنْدَنَا فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ لَا يُقِرُّهُمْ عَلَى مَا هُوَ فَاسِدٌ عِنْدَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا عِنْدَنَا وَلَوْ اعْتَقَدُوا غَصْبَ امْرَأَةٍ أَوْ رِضَاهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَ الرَّجُلِ بِغَيْرِ عَقْدٍ أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْقِصَاصُ وَالْغُصُوبُ وَمَا جَنَوْهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ وَيَثْبُتُ مَا اكْتَسَبُوهُ بِعُقُودِ الرِّبَا وَغَيْرِهِ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ كُلُّ ذَلِكَ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمْ لَوْ فَهِمُوا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

يَأْخُذُ بِغَيْرِ عَقْدٍ أُضِيفَ إلَيْهِ بَلْ بِمُجَرَّدِ الضَّرَرِ وَهَاهُنَا الزَّوْجُ الثَّانِي مَعَهُ عَقْدٌ يُقَابِلُ بِهِ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ وَبِالْجُمْلَةِ فَسَيْرُ مُخَالَفَةِ قَاعِدَةِ مَسْأَلَةِ الْوَلِيَّيْنِ وَنَظَائِرِهَا السَّبْعِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِقَاعِدَةِ الْوَكِيلَيْنِ فِي الْبَيْعِ هُوَ تَحَقُّقُ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ.

(الْأَمْرُ الثَّانِي) بَيَانُ مَا يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مِنْ الْأَسْئِلَةِ وَمَا يُجَابُ بِهِ عَنْهَا

(فَالسُّؤَالُ الْأَوَّلُ) أَنَّ وُجُودَ الْعَقْدِ مَعَ الزَّوْجِ الثَّانِي هُنَا لَا يَصْلُحُ مُرَجِّحًا ضَرُورَةَ أَنَّ الْمَحَلَّ غَيْرُ قَابِلٍ لَهُ لِأَنَّ عَقْدَ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ مَانِعٌ مِنْهُ فَهُوَ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا

(وَجَوَابُهُ) أَنَّهُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ لِأَنَّا لَمَّا اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ وُجُودَ مِثْلِ صُورَةِ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَرِضَى الْوَلِيِّ وَالْمَرْأَةِ مُوجِبَةٌ لِلْعِصْمَةِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَجَبَ هُنَا الْعَمَلُ بِالصُّورَةِ أَيْضًا فِي التَّرْجِيحِ وَعَدَمُ الِالْتِفَاتِ لِمَا فِي صُورَةِ النِّزَاعِ مِنْ كَوْنِ عَقْدِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الْمَحَلِّ لِهَذَا الْعَقْدِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ كَعَدَمِهِ

(وَالسُّؤَالُ الثَّانِي) لِمَ اعْتَبَرْتُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلَيْنِ يُوَكِّلُهُمَا الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِامْرَأَةٍ فَزَوَّجَاهُ بِامْرَأَتَيْنِ فَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ كَوْنَ عَقْدِ مَا قَبْلَ الْمَدْخُولِ بِهَا مَانِعًا حَيْثُ قُلْتُمْ لَا يُفِيتُهَا الدُّخُولُ إجْمَاعًا وَلَمْ تَعْتَبِرُوا فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيَّيْنِ وَنَظَائِرِهَا السَّبْعِ كَوْنَ عَقْدِ الْأَوَّلِ مَانِعًا حَيْثُ قُلْتُمْ يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّانِي فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا

(وَجَوَابُهُ) أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ

(أَحَدُهَا) أَنَّ الْمَانِعَ هُنَا عَقْدٌ وَاحِدٌ وَفِي الْخَامِسَةِ عَقْدُ الرَّابِعِ مَعَ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْعُقُودِ

(الثَّانِي) أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ الْكَثْرَةُ فَيُؤَدِّي الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ الثَّانِي بَعْدَ الدُّخُولِ فِي صُورَتِهِمَا إلَى كَثْرَةِ الْفَسَادِ وَعَلَى الْوُكَلَاءِ النُّدْرَةُ فَلَا يُؤَدِّي إلَى كَثْرَةِ الْفَسَادِ الْقَوْلُ بِفَسَادِ الْخَامِسَةِ النَّاشِئِ عَنْ الِاطِّلَاعِ وَالْكَشْفِ النَّادِرِ

(الثَّالِثُ) أَنَّ التَّعَارُضَ فِي الْوَلِيَّيْنِ وَقَعَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا صَاحِبَا وَسِيلَةٍ ضَرُورَةَ أَنَّ الزَّوْجَ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الصَّدَاقِ كَالْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الثَّمَنِ وَالْأَثْمَانُ وَسَائِلُ وَفِي الْوَكِيلَيْنِ وَقَعَ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ اللَّتَيْنِ كَالْبَائِعِ فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةَ سِلْعَةٍ وَالسِّلَعُ مَقَاصِدُ وَرُتْبَةُ الْوَسَائِلِ أَخْفَضُ مِنْ رُتْبَةِ الْمَقَاصِدِ فَلَمْ يَكُنْ فِي إبْطَالِ عَقْدِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ إلَّا إبْطَالَ مَا رَافَقَ الْأَوْضَاعَ الشَّرْعِيَّةَ بِخِلَافِ عَقْدِ الرَّابِعَةِ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي إبْطَالِهِ مَا هُوَ مَقْصِدٌ وَمَا هُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ فَلِذَا امْتَنَعَ إبْطَالُهُ لِقُوَّتِهِ وَلَمْ يَمْتَنِعْ إبْطَالُ عَقْدِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ لِضَعْفِهِ

(الرَّابِعُ) أَنَّ الْعَادَةَ شَاهِدَةٌ بِوَلُوعِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَشَغَفِهِمْ بِهِنَّ أَكْثَرَ مِنْهُنَّ بِهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّجَالَ هُمْ الْبَاذِلُونَ وَالْخَاطِبُونَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الدَّلَائِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>