للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا غَيْرُ وَشِبْهُ وَسِوَى وَمِثْلُ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ النُّحَاةُ وَمَا لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ كَانَ وُجُودُ الْإِضَافَةِ فِيهِ كَعَدَمِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَعُمَّ بِخِلَافِ أَيْنَ وَحَيْثُ فَإِنْ قُلْت: لَمْ نَجِدْ أَحَدًا عَدَّ هَذِهِ الصِّيَغَ كُلَّهَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَكُتُبِ النَّحْوِ.

(قُلْت) : كَفَاهُمْ فِي التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا قَوْلُهُمْ اسْمُ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَيَصِيرُ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ جَلَسْت مِثْلَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ أَوْ فِي كُلِّ الْبِقَاعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَلَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَكُونُ الْعُمُومُ ثَابِتًا لِلظَّرْفِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا فَصَحَّ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ لِلْعُمُومِ وَأَنَّ اللَّازِمَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَتَنَافَى ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاقَضُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَالْحُكْمُ لَا يَلْزَمُ شُمُولُهُ لِلْأَفْرَادِ إلَّا فِي الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْعُمُومِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ كَمَا إذَا قُلْتُ: كُلُّ رَجُلٍ فَلَهُ دِرْهَمٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّجَالِ يَسْتَحِقُّ دِرْهَمًا وَأَمَّا إذَا قُلْتُ: الرَّجُلُ لَهُ دِرْهَمٌ وَأَرَدْت بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْعَهْدَ فِي الْجِنْسِ وَلَمْ تُرِدْ بِهَا الْعَهْدَ فِي الشَّخْصِ وَلَا الْعُمُومَ الْاسْتِغْرَاقِيَّ عَلَى مَنْ قَالَ بِذَلِكَ فَلَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّجَالِ دِرْهَمًا وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْجِنْسَ كُلَّهُ دِرْهَمًا خَاصَّةً.

قَالَ: (وَأَمَّا غَيْرُ وَسِوَى وَشِبْهُ وَمِثْلُ إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ أَيْنَ وَحَيْثُ) قُلْتُ: قَوْلُهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَعُمَّ إمَّا أَنْ يُرِيدَ فَلِكَوْنِ هَذِهِ الْإِضَافَةِ وُجُودَهَا كَعَدَمِهَا أَوْ لِكَوْنِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ أَوْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَكْرِمْ حِسَانَ الْوُجُوهِ يَعُمُّ مَعَ أَنَّ إضَافَتَهُ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ كُلُّ رَجُلٍ لَهُ دِرْهَمٌ يَعُمُّ مَعَ أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ لَا يَتَعَرَّفُ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ وَإِنْ أَرَادَ الثَّالِثَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْمَجْمُوعِ إلَّا كَوْنُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا وَالْمُرَادُ بِأَنَّ وُجُودَهَا كَعَدَمِهَا كَوْنُ الْمُضَافِ لَا يَتَعَرَّفُ بِهَا فَآلَ الْأَمْرُ إلَى الثَّانِي وَقَدْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ.

قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ: لَمْ نَجِدْ أَحَدًا عَدَّ هَذِهِ الصِّيَغَ كُلَّهَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَكُتُبِ النَّحْوِ قُلْتُ: كَفَاهُمْ فِي التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا قَوْلُهُمْ اسْمُ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ) قُلْتُ: لَعَلَّ مُرَادَهُمْ إذَا أُضِيفَ لِغَيْرِ الْجُمَلِ وَكَانَ مِمَّا يَنْطَلِقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مُسَمَّاهُ كَالْمَالِ وَنَحْوِهِ لَا كَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ نَظَرٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَعُمُّ مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ عَبْدِي حُرٌّ لَا يَصِحُّ فِيهِ دَعْوَى الْعُمُومِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي إضَافَةِ الْجَمْعِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ فَلَمْ يَكُنْ الْعُمُومُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ أُضِيفَ وَإِنَّمَا كَانَ الْعُمُومُ لِأَنَّهُ جَمْعٌ أُضِيفَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: (إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَتَنَافَى ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاقَضُ) قُلْتُ: لَمْ يَتَقَرَّرْ ذَلِكَ وَلَوْ تَقَرَّرَ لَكَانَ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ حَيْثُ جَلَسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ مَكَان جَلَسْت فِيهِ فَإِذَا جَلَسْت فِي أَمَاكِنَ عِدَّةٍ اقْتَضَى اللَّفْظُ لُزُومَ الطَّلَاقِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ أَيَّ عَدَدٍ كَانَتْ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْعَ قَصَرَ الطَّلَاقَ عَلَى الثَّلَاثِ وَقَطَعَ الْعِصْمَةَ بِهَا فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا لَغْوٌ.

وَإِذَا لَمْ يَتَقَرَّرْ ذَلِكَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الرَّضَاع لَمَا حَلَّتْ لِلنَّسَبِ حَيْثُ رَتَّبَتْ عَدَمَ حِلِّهَا عَلَى عَدَمِ أُخُوَّتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ الْمُبَيَّنِ بِأُخُوَّتِهَا مِنْ النَّسَبِ الْمُنَاسِبِ هُوَ لَهَا شَرْعًا فَيَتَرَتَّبُ أَيْضًا فِي قَصْدِك عَلَى أُخُوَّتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ الْمُفَادِ بِلَوْ الْمُنَاسِبُ هُوَ لَهَا شَرْعًا لَكِنْ دُونَ مُنَاسَبَتِهِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ أَدْوَنُ مِنْ حُرْمَةِ النَّسَبِ وَالْمَعْنَى لَا تَحِلُّ لِي أَصْلًا لِأَنَّ بِهَا وَصْفَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُرِّمَتْ لَهُ أُخُوَّتُهَا مِنْ النَّسَبِ وَأُخُوَّتُهَا مِنْ الرَّضَاعِ.

وَقَدْ أَشَارَ الْعَلَّامَةُ السُّبْكِيُّ لِهَذِهِ الِاسْتِعْمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ:

مَدْلُولُ لَوْ رَبْطُ وُجُودٍ ثَانٍ ... بِأَوَّلٍ فِي سَابِقِ الْأَزْمَانِ

مَعَ انْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمُقَدَّمِ ... حَقًّا بِلَا رَيْبٍ وَلَا تَوَهُّمٍ

أَمَّا الْجَوَابُ إنْ يَكُنْ مُنَاسِبًا ... وَلَيْسَ غَيْرُ شَرْطِهِ مُصَاحِبًا

فَاحْكُمْ لَهُ بِالنَّفْيِ أَيْضًا وَاعْلَمْ ... بِأَنَّ كُلًّا دَاخِلٌ فِي الْعَدَمِ

أَوْ لَمْ يَكُنْ مُنَاسِبًا فَوَاجِبٌ ... مِنْ بَابِ أَوْلَى ذَاكَ حُكْمٌ لَازِبٌ

وَفِي مُنَاسِبٍ لَهُ إذْ يُفْقَدُ ... مُنَاسِبٌ سِوَاهُ قَدْ لَا يُوجَدُ

هَذَا جَوَابُ لَوْ بِتَقْسِيمٍ حَصَلْ ... مُمْتَنِعٌ وَوَاجِبٌ وَمُحْتَمِلْ

وَمُعْظَمُ الْمَقْصُودِ فِيمَا يَجِبُ ... إثْبَاتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ يُطْلَبُ

مِثَالُهُ نِعْمَ الَّذِي لَوْ لَمْ يَخَفْ ... لَمَا عَصَى إلَهَهُ وَلَا اقْتَرَفْ

وَمُعْظَمُ الْمَقْصُودِ فِي الْمُمْتَنِعِ ... بَيَانُ نَفْيِ شَرْطِهِ الَّذِي ادَّعَى

كَلَوْ يَكُونُ فِيهِمَا شَرِيكٌ ... لَامْتَنَعَا فَالْوَاحِدُ الْمَلِيكُ

أَوْ أَنَّ ذَاكَ النَّفْيَ حَقًّا أَثَّرَا ... فِي عَدَمِ الَّذِي يَلِي بِلَا مِرَا

كَلَوْ أَتَيْتَنِي لَكُنْت تُكْرَمُ ... كَرَامَتِي لِمَنْ قَلَانِي تُعْدَمُ

وَقَدْ تَخْرُجُ عَنْ الشَّرْطِيَّةِ فَتَكُونُ وَصْلَةً لِلرَّبْطِ مَعَ وَاوِ الْحَالِ فِي الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ وَلَوْ كَثُرَ مَالُهُ بَخِيلٌ وَتَكُونُ لِلتَّمَنِّي وَالْمَصْدَرِيَّةِ فِي نَحْوِ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ فَاسْتِعْمَالَاته اسِتَّةٌ اهـ.

بِتَوْضِيحٍ مِنْ مُخْتَصَرِ السَّعْدِ عَلَى التَّلْخِيصِ وَفِي حَاشِيَةِ الشِّرْبِينِيِّ عَلَى حَوَاشِي مُحَلَّى جَمْعِ الْجَوَامِعِ نَقْلًا عَنْ عَبْدِ الْحَكِيمِ عَنْ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِالِاشْتِرَاكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْأَمْرُ فِي لَفْظَتَيْ إنْ وَلَوْ إلَى حَدِّ أَنْ يَكُونَ مَا كَثُرَ فِيهِ هُوَ السَّابِقُ مِنْهُمَا إلَى الْفَهْمِ حَتَّى يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيمَا كَثُرَ فِيهِ وَمَجَازًا عُرْفِيًّا فِيمَا قَلَّ فِيهِ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ وَعُرْفِيَّةٌ فِيمَا كَثُرَ أَوْ قَلَّ فِيهِ أَوْ الْقَوْلُ بِالْحَقِيقَةِ أَوْ الْمَجَازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بَلَغَ الْأَمْرُ فِي لَفْظَيْهِمَا إلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَلَمَّا كَانَ الْأَصْلُ يَنْفِي كُلًّا مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي الْقَاضِيَ الْبَيْضَاوِيَّ عَنْ الْمَشْهُورِ.

وَقَالَ: لَوْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>