للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهداف الغزاة، هو فصل المسلمين عن لغة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وكنوز العلوم الإسلامية وإقامة الحواجز بينهم وبين ماضيهم المجيد، وتفتيت الوحدة اللغوية القائمة بين الشعوب الناطقة بالعربية الفصحى.

وقد استخدم هذا المستشرق في دعوته أسلوباً أكثر ذكاء من أسلوب من سبقه، إذ عرض إقناعه لاتخاذ العامية لغة أدبية، في صور تجعل معارضة الدعوة أمراً ذا خطر أكبر من الخطر الذي يتحاشونه، هذا الخطر هو انقراض العامية الشائعة والعربية الفصحى معاً، واحتلال لغة أجنبية محلها، إذ قال:

"ومن الحكمة أن ندع جانباً كل حكم خاطئ وجِّه إلى العامية، وأن نقبلها على أنها اللغة الوحيدة للبلاد، على الأقل في الأغراض المدنية التي ليست لها صبغة دينية، وهناك سبب يدعو إلى الخوف هو أنه إذا لم يحدث ذلك، وإذا لم نتخذ طريقة مبسطة للكتابة فإن لغة الحديث ولغة الأدب ستنقرضان، وستحل محلها لغة أجنبية، نتيجة لزيادة الاتصال بالأمم الأوربية".

ولكن هذا الخطر الذي حاول أن يخوف منه قد حل محله بفضل الله وحمده طمأنينة على العربية الفصحى، وذلك بعد نحو نصف قرن وأكثر من تحذيراته، إذ أخذت الفصحى تنتشر وتزدهر، ويُسهم انتشارها وازدهارها في ارتفاع مستوى العامية الشائعة، إلى درجات حسنة من الرقي اللغوي، وذلك بموت كثير من المفردات والأساليب النابية فيها، الأمر الذي جعل يدنيها شيئاً فشيئاً من قواعد الفصحى ومفرداتها، وإن كان ما يزال بينهما بون شاسع، فإن كثيراً من مظاهر انحطاط العاميات قد بدأ يختفي اختفاء يدعو إلى التفاؤل بالتطور إلى الكمال، والقرب من الأصل الفصيح.

وأصبح حفظ القرآن بحمد الله ظاهرة منتشرة في الأجيال العربية الناشئة، ولا يجد حفَّاظه صعوبة في حفظه، مع أنه قمة الأداء الفصيح

<<  <   >  >>