للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منفصل يرجع إلى عصور بعيدة، وزعم أنها تختلف عن اللغة العربية الفصحى اختلافاً كلياً، وحاول أن يعطيها صورة تستطيع أن تنفذ بها إلى ميدان الكتابة في مختلف العصور والأقطار.

ثم أخذ يندد بجمود العربية الفصحى، ويشبهها باللاتينية الكلاسيكية، ويشبه العلاقة بينها وبين اللهجة العامية في مصر بالعلاقة التي بين اللاتنية الكلاسيكية والإيطالية.

وغرضه من ذلك حث العرب على أن تكون للغاتهم العامية الدارجة آداب مكتوبة، في جميع العلوم والآداب والفنون، لعلَّلها تنافس العربية الفصحى، وتحتلّ مكانها لديهم، وعندئذ تموت لديهم الفصحى بطريقة تدريجية، ويبتعدون عن المصادر الإسلامية الرائعة، وينقسمون إلى أوصال وأجزاء متباعدة بعدد لغاتهم الإقليمية.

وإذ زعم أنَّ اللهجات العامية الشائعة ذات جذور عميقة متصلة بلغات قديمة، فقد حاول بذلك أن يدغدغ في الناطقين بهذه اللهجات مشاعر إقليمية محليّة، مضادة للمشاعر الدينية المتعلقة بالعربية الفصحى تعلقاً روحياً وعلمياً وتاريخياً، وحاول أن يحتال في هذا بغير الحيلة التي احتال بها سلفه "ولهلْم سبيتا" وهي التي أورد فيها أن العرب الذين فتحوا مصر هم الذين نشروا لغتهم بين أهلها، وبذلك قضوا على اللغة القبطية لغة البلاد الأصلية، وظاهر من كلام "سبيتا" أن العامية الشائعة حالة من حالات الانحطاط والتدهور للعربية الفصحى، على خلاف كلام خلفه "فولرس".

د- وحمل أيضاً لواء الدعوة إلى العامية الدارجة المستشرق الإنكليزي "سِلْدُن ولمور" الذي كان قاضياً في المحاكم الأهلية بالقاهرة، إبَّان الاحتلال البريطاني، إذ أصدر في سنة (١٩٠١م) كتاباً سماه "العربية المحكية في مصر" اتجه فيه رائد الحملة المستشرق الألماني "سبيتا" فحاول دراسة العامية المصرية الشائعة، ووضع قواعد لها، ودعا إلى كتابتها بحروف لاتينية، وإلى اتخاذها لغة أدبية، واستغل دعوته هذه ليحقق بها هدفاً من

<<  <   >  >>