للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد صلى الله عليه وسلّم أنه يجوز لنا أن نقسم به صلى الله عليه وسلّم فالله- عزّ وجلّ- يقسم بما يشاء على ما يشاء، فقد أقسم سبحانه وتعالى بالقلم والنجم والشمس والطور، أما المخلوق فلا يقسم إلا بالله جل وعلا، وهي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلّم، روى البخاري في صحيحه: عن عبد الله رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» «١» ، وفي رواية عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «ألا من كان حالفا فلا يحلف إلّا بالله فكانت قريش تحلف بابائها فقال لا تحلفوا بابائكم» «٢» .

٦- تعظيم المكان بإقامته صلى الله عليه وسلّم فيه:

قال تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) [البلد: ١- ٢] ، فالبلد المعنية بالآية الكريمة- بالاتفاق- هي مكة المكرمة، المشرفة المعظمة على سائر القرى والبلدان، ولكن الله- تبارك وتعالى- لما أقسم بها، ذكر إقامة النبي صلّى الله عليه وسلّم بمكة فتزداد شرفا وعزّا، فيزداد القسم توكيدا، قال صاحب تفسير الزبد «٣» : (أي استحل منك مشركو مكة أن يؤذوك في البلد الحرام يا محمد. وقيل: المعنى: أقسم بهذا البلد الذي أنت مقيم فيه تشريفا لك وتعظيما لقدرك لأنه قد صار بإقامتك فيه عظيما شريفا) .

وقال صاحب المنتخب «٤» : (أقسم قسما مؤكدا بمكة البلد الحرام وأنت مقيم بهذا البلد تزيده شرفا وقدرا) .

[بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

شرف النبي صلّى الله عليه وسلّم عند ربه- تبارك وتعالى-، فقد عظم القسم بالبلد الحرام بذكر مقام النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه.

[الفائدة الثانية:]

تتفاضل القرى والبلاد بتفاضل من يسكنها ويعمرها، فإذا كانت مكة المكرمة التي لها من الحرمة والتعظيم والتشريف ما ليس لغيرها، قد ازدادت شرفا ورفعة بإقامة النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها، فمن باب أولى ما دونها من البلدان. ويتفرع عليه عظيم قدر مدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حياته صلّى الله عليه وسلّم وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى؛ إذ دفن فيها صلّى الله عليه وسلّم.


(١) البخاري، كتاب: الشهادات، باب: كيف يستحلف، برقم (٢٦٧٩) .
(٢) البخاري، كتاب: المناقب، باب: أيام الجاهلية، برقم (٣٨٣٦) .
(٣) تفسير الزبد.
(٤) المنتخب.

<<  <  ج: ص:  >  >>