للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سادة قريش فقالوا: ما تريد أن تصنع؟ فقال: أوفى بنذرى، فقالوا: لا ندعك أن تذبحه حتى تعذر فيه إلى ربك، ولئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتى بابنه فيذبحه وتكون سنة. وقالوا له: انطلق إلى فلانة الكاهنة- قلت: قيل اسمها:

قطبة، كما ذكره الحافظ عبد الغنى فى كتاب المبهمات، وذكر ابن إسحاق أن اسمها: سجاح- فلعلها أن تأمرك بأمر فيه فرج لك.

فانطلقوا حتى أتوها بخيبر «١» ، فقص عليها عبد المطلب القصة، فقالت: كم الدية فيكم؟ قالوا: عشرة من الإبل، فقالت: ارجعوا إلى بلادكم ثم قربوا صاحبكم ثم قربوا عشرة من الإبل، ثم اضربوا عليه وعليها بالقداح، فإن خرجت القداح على صاحبكم فزيدوا فى الإبل ثم اضربوا أيضا، هكذا حتى يرضى ربكم. فإذا خرجت على الإبل فانحروها فقد رضى ربكم وتخلص صاحبكم.

فرجع القوم إلى مكة، وقربوا عبد الله، وقربوا عشرة من الإبل، وقام عبد المطلب يدعو، فخرجت القداح على ولده، ولم يزل يزيد عشرا عشرا حتى بلغت مائة فخرجت القداح على الإبل. فنحرت الإبل وتركت، لا يصد عنها إنسان ولا طائر ولا سبع.

ولهذا روى- كما عند الزمخشرى فى الكشاف- أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «أنا ابن الذبيحين» «٢» .

وعند الحاكم فى المستدرك، عن معاوية بن أبى سفيان: كنا عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأتاه أعرابى، فقال: يا رسول الله، خلقت البلاد يابسة، والماء يابسا، هلك المال وضاع العيال، فعد علىّ مما أفاء الله عليك يابن الذبيحين.


(١) اسم حصن مشهور لليهود قرب المدينة.
(٢) لا يوجد بهذا اللفظ، إلا أنه عند الحاكم فى «مستدركه» (٢/ ٦٠٤) من حديث معاوية رضى الله عنه- أن أعرابيّا قام يشكو جدب أرضه يا رسول الله خلقت البلاد يابسة، والماء يابسا، هلك المال وضاع العيال، فعد على بما أفاد الله عليك يابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم-، ولم ينكر عليه. إلا أن إسناده واه.