للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فتبسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه. الحديث «١» ، وتأتى تتمته قريبا إن شاء الله تعالى-.

ويعنى بالذبيحين: عبد الله وإسماعيل بن إبراهيم.

وإن كان قد ذهب بعض العلماء إلى أن الذبيح إسحاق.

فإن صح هذا، فالعرب تجعل العم أبا، قال الله تعالى إخبارا عن بنى يعقوب- عليه السّلام-: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ «٢» .

وفى حديث معاوية- الموعود بتتمته قريبا- قال معاوية: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الأمر بها أن ينحر بعض ولده، فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله، فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بنى مخزوم، وقالوا أرض ربك، وافد ابنك، ففداه بمائة ناقة، فهو الذبيح الأول وإسماعيل الذبيح الثانى.

قال ابن القيم: «ومما يدل على أن الذبيح إسماعيل، أنه لا ريب أن الذبح كان بمكة، ولذلك جعل القرابين يوم النحر بها، كما جعل السعى بين الصفا والمروة ورمى الجمرات تذكيرا بشأن إسماعيل وأمه، وإقامة لذكر الله تعالى، ومعلوم أن إسماعيل وأمه هما اللذان كانا بمكة دون إسحاق وأمه» .

ثم قال: «ولو كان الذبح بالشام- كما يزعم أهل الكتاب، ومن تلقى عنهم- لكانت القرابين والنحر بالشام لا بمكة» .

«وأيضا فإن الله سمى الذبيح حليما، لأنه لا أحلم ممن سلم نفسه للذبح طاعة لربه، ولما ذكر إسحاق سماه: عليما» .

«وأيضا: فإن الله أجرى العادة البشرية: أن بكر الأولاد أحب إلى الوالدين ممن بعده، وإبراهيم لما سأل ربه الولد، ووهبه له تعلقت شعبة من


(١) إسناده واه، وقد تقدم فيما قبله.
(٢) سورة البقرة: ١٣٣.