للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} أي تكاد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم تبين للناس قبل كلامه، حكى هذا الأخير القاضي أبو الفضل اليحصبي والفخر الرازي، لكنه عن كعب الأحبار.

وعن الضحاك: يكاد محمد يتكلم بالحكمة قبل الوحي. قال عبد الله بن رواحة:

لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر


كذلك بمعنى نباته "بالشجرة المباركة" على استعارة التمثيلية؛ لأنه شبه ظهور نبوته المتصلة بأبيه إبراهيم، وشبه المتصل به بمصباح أضاء بزيت من شجرة مباركة، واقتصر على أجزاء التمثيل لظهور ما فيه، وفائدة التمثيل كما في الكشاف إبراز المعقول في هيئة المحسوس ليتضح ويرسخ في الأذهان، ولذا كثر في الأحاديث والكتب الإلهية.
"وقوله تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} [النور: ٣٥] ، ولو لم تمسسه نار، "أي: تكاد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم تبين" مضارع بأن أي: اتضح "للناس قبل كلامه" أي: تكليمه ودعواه النبوة وتحديه كذا الزيت والكلام يأتي مصدرًا بمعنى التكليم، كقوله: فإن كلاميها شفاء لما بيا، أو المراد ما يتكلم به فيقدر مضاف، أي: قبل إيراد كلامه الذي يتكلم به، وقيل: أن يوحى إليه، "حكي هذا الأخير" من قوله.
وعن سهل "القاضي أبو الفضل" عياض "اليحصبي" "بفتح التحتية وسكون المهملة وتثليث الصاد مهملة" نسبة إلى يحصب بن مالك أبي قبيلة باليمن، "والفخر الرازي، لكنه" أي: الرازي، إنما حكاه "عن كعب الأحبار" لا عن سهل بن عبد الله، فإن صح النقلان فيكونان معًا، قالاه، وفي شرح الشفاء للتجاني؛ أنه تأويل بعيد عن ظاهر القرآن، والصحيح ما عليه جمهور المفسرين أنه تعالى ضرب هذا مثلًا لنوره، وتمثالًا لقصور أفهام الخلق، إذ لولاه ما عرف الله، قال: وما أشبه هذا بتأويل الفضل قول الفرزدق:
أخذنا بأطراف السماء عليكم ... لنا قراها والنجوم الطوالع
لما سأله الرشيد عنه، فقال: أراد بالقمرين إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم عليهما، وبالنجوم الطوالع أنت وآبائك، فقال له الرشيد: أحسنت. انتهى.
"وعن الضحاك: يكاد محمد يتكلم بالحكمة": العلم النافع "قبل الوحي" به إليه، "قال عبد الله بن رواحة" الخزرجي الأمير الشهيد بمؤتة:
لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>