للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: كان يتمثل له الملك رجلا، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له، فقد كان يأتيه في صورة دحية الكلبي، رواه النسائي بسند صحيح من حديث ابن عمر.

وكان دحية جميلا وسيما، إذا قدم لتجارة خرجت الظعن لتراه.

فإن قلت: إذا لقي جبريل النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية، فأين تكون روحه؟ فإن كانت في الجسد الذي له ستمائة جناح.........................


العيوب، وخص بذلك وإن كانت جميع الملائكة كذلك؛ لأن روحانيته أتم وأكمل، ذكره الإمام الرازي وعليه يحمل قول الشامي: سمي به لأنه خلق من محض الطهارة. وقال الراغب: خص بذلك لاختصاصه بنزوله بالقدس من الله، أي بما يطهر به نفوسنا من القرآن والحكمة والفيض الإلهي.
المرتبة "الثالثة" خطاب الملك له حين "كان يتمثل له الملك رجلا فيخاطبه" ويديم خطابه "حتى يعي" أي: يفهم. "عنه ما يقول له" فحتى غائية، "فقد" ثبت أنه "كان يأتيه في صورة دحية" بكسر الدال وفتحها لغتان مشهورتان؛ كما في النور. واقتصر الجوهري على الكسر وقدمه المجد. وفي التبصير اختلف في الراجحة منهما، وهو بلسان أهل اليمن رئيس الجند ابن خليفة بن فضالة بن فروة "الكلبي" شهد المشاهد كلها بعد بدر.
"رواه النسائي" أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني ثم المصري، الحافظ أحد الأئمة المبرزين والأعلام الطوافين والحفاظ المتقنين، حتى قال الذهبي: هو أحفظ من مسلم، مات سنة ثلاث وثلاثمائة.
"بسند صحيح من حديث ابن عمر" وزعم أن مجيء جبريل على صورة دحية كان بعد بدر، إذ يبعد مجيئه على صورته قبل إسلامه ممنوع وسند أنه لا ضير في التمثل بصورته لجمالها، وإن قبل إسلامه لعلم الله أزلا بأنه من السعداء وخير القرون، فكان يأتي على صفته، فلما رأى المصطفى دحية أخبر بأنه يأتيه في صورته، والأمور النقلية لا دخل فيها للعقول.
"وكان دحية جميلا وسيما" أي: حسن الوجه، ولذا كان "إذا قدم لتجارة خرجت الظعن" بضم الظاء المعجمة والعين المهملة جمع ظعينة، سميت بذلك لأن زوجها يظعن بها "لتراه". وفي النور حكوا أنه كان إذا قدم من الشام لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه، والمعصر: التي بلغت سن المحيض، "فإن قلت: إذا لقي جبريل النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية" مثلا والمراد في غير صورته التي خلق عليها "فأين تكون روحه فإن كانت في الجسد الذي له ستمائة جناح"

<<  <  ج: ص:  >  >>