للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخاتمة لعل مما يحسن الإشارة إليه في ختام هذا البحث نقطة ذات بال، وذات صلة وثيقة بموضوع البحث، وهي: التكلف والتظاهر بمباهج الغنى والثراء.

إنك تلحظ بعض الناس من ذوي الدخل المحدود يلهث راكضا وراء أهل الترف والثراء، يقلدهم ويحاكيهم، ويتبعهم حذو القذة بالقذة، فيبسط يده كما يبسطون أيديهم، ويجر إزاره كما يجرون، ويرفع عقيرته كما يفعلون:

كالهِرِّ يحكي انتفاخاً صولة الأسد

وهذا الأسلوب في الحياة يكلف الإنسان ما لا يطيق، ويلجئه إلى أضيق طريق.

فإنه من أجل أن يكون كأولئك لا بد أن يكون عنده رصيد ضخم من الأموال وإلا بدا مفلسا تعيسا.

الأمر الذي يضطره إلى الكسب غير المشروع، كالتعامل بالربا، أو أخذ الرشاوي، أو الغش التجاري، أو السطو على أموال الناس وممتلكاتهم وأكلها بالباطل.

وربما لجأ إلى الناس يسألهم أو يستدينهم.

وكل تلك أساليب غير مرضية عند الله ثم عند الناس.

قال الحق سبحانه: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦] (١) .

يقوله الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) عند تفسير الآية: " أي الذين يتصنعون ويتحلون بما ليسوا من أهله، وما عرفتموني قط متصنعا ولا مدعيا ما ليس عندي حتى أنتحل النبوة وأدَّعي القرآن " (٢) .

وفي الحديث الصحيح: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور» (٣) .


(١) سورة ص / ٨٦.
(٢) الكشاف ٣ / ٣٨٥، دار المعرفة - بيروت.
(٣) متفق عليه (صحيح البخاري، ك: النكاح - الباب ١٠٦، وصحيح مسلم، ك: اللباس ح / ١٢٦ - ١٢٧) .

<<  <   >  >>