للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث "مَن كذب علَيَّ"

الكذب ممقوت عقلًا وفطرة، والقرآن يعتبر الكذب على الله عزَّ وجلَّ ظلمًا لا يفوقه ظلمٌ آخر، قال الله عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} (١) [الأنعام: ١٤٤]، وكرَّر هذا المعنى في آيات عديدة (٢)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مبلِّغ عن الله تعالى، صادق في كلّ ما بلَّغه، فالكذب عليه كذب على الله عزَّ وجلَّ.

وطبيعي أن يُحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمينَ من الكذب عليه، وطبيعيّ أن يكرّر ذلك في عدّة مناسبات كما كرَّر الله عزَّ وجلَّ بيان غلظ الكذب عليه في عدّة آيات.

وحديث: "مَن كَذَب عليَّ" (٣) إلخ، إن لم يكن متواترًا لفظه فهو بلا ريب مقطوع بصحة معناه عند مَن يعرف الحديث ويعرف رواة الحديث.

الحديث رُوي من طريق جماعة من الصحابة رضي الله عنهم بألفاظ متقاربة إلا أنه يمكن جعلها ضربين:

الضرب الأول: "مَن كَذَب عليَّ فليتبوّأ مقعدَه مِن النار"، وما يؤدِّي هذا المعنى بدون نصٍّ على التقييد بالتعمّد.

الثاني: "مَن كَذَب عليَّ متعمِّدًا فليتبوّأ مقعدَه مِن النار" وما يؤدي هذا


(١) كتب المؤلف إلى {افْتَرَى} وترك مقدار أربع كلمات.
(٢) بلغت عشر آيات.
(٣) وهو متفق عليه وقد مضى تخريجه.