للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ وَقْفُ بِنَاءٍ وَغِرَاسٍ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا، وَإِنْ اسْتَحَقَّا الْقَلْعَ بَعْدِ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِهِمَا وَعَدَمَ عِتْقِهِمَا مُطْلَقًا بِأَنَّهُ هُنَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حَقَّانِ مُتَجَانِسَانِ فَقَدَّمْنَا أَقْوَاهُمَا مَعَ سَبْقِ مُقْتَضِيَةٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ أَوْلَدَ الْوَاقِفُ الْمَوْقُوفَةَ حَيْثُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ وَخَرَجَ مَا لَا يُقْصَدُ كَنَقْدٍ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ أَوْ الِاتِّجَارِ فِيهِ وَصُرِفَ رِبْحُهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِهِ كَمَا يَأْتِي وَمَا لَا يُفِيدُ نَفْعًا كَزَمِنٍ غَيْرِ مَرْجُوٍّ بُرْؤُهُ (لَا مَطْعُومٌ) بِالرَّفْعِ أَيْ وَقْفُهُ إذْ نَفْعُهُ بِإِهْلَاكِهِ (وَرَيْحَانٌ) مَحْصُودٌ لِسُرْعَةِ فَسَادِهِ، أَمَّا مَزْرُوعٌ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ لِلشَّمِّ لِبَقَائِهِ مُدَّةً كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَفْعٌ آخَرُ وَهُوَ التَّنَزُّهُ، وَلِهَذَا قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَابْنُ الصَّلَاحِ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمَشْمُومِ الدَّائِمِ النَّفْعِ كَالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ بِخِلَافِ عُودِ الْبَخُورِ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهِ، فَإِلْحَاقُ جَمْعِ الْعُودِ بِالْعَنْبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى عُودٍ يُنْتَفَعُ بِهِ بِدَوَامِ شَمِّهِ

(وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ) بِالْإِجْمَاعِ (وَمَنْقُولٍ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِ (وَمُشَاعٍ) وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ حِصَّتِهِ أَوْ صِفَتِهَا لِأَنَّ وَقْفَ عُمَرَ السَّابِقِ كَانَ مُشَاعًا، وَلَا يَسْرِي لِلْبَاقِي، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ وُقِفَ الْمُشَاعُ مَسْجِدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِ وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ لِتَعَيُّنِهَا طَرِيقًا وَمَا نُوزِعَ بِهِ مَرْدُودٌ، وَتَجْوِيزُ الزَّرْكَشِيّ الْمُهَايَأَةَ هُنَا بَعِيدٌ إذْ لَا نَظِيرَ لِكَوْنِهِ مَسْجِدًا فِي يَوْمٍ وَغَيْرَ مَسْجِدٍ فِي آخَرَ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا مَرَّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ مَسْجِدًا هُوَ الْأَقَلُّ أَوْ الْأَكْثَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمْلِ تَفْسِيرٍ فِيهِ قُرْآنٌ بِأَنَّ الْمَسْجِدِيَّةَ هُنَا شَائِعَةٌ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَلَمْ يُمْكِنْ تَبَعِيَّةُ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ إذْ لَا تَبَعِيَّةَ إلَّا مَعَ التَّمْيِيزِ، بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ مُتَمَيِّزٌ عَنْ التَّفْسِيرِ، فَاعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ لِيَكُونَ الْبَاقِي تَابِعًا لَهُ.

أَمَّا جَعْلُ الْمَنْقُولِ مَسْجِدًا كَفُرُشٍ وَثِيَابٍ فَمَوْضِعُ تَوَقُّفٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ مِثْلُهُ، وَكُتُبُ الْأَصْحَابِ سَاكِتَةٌ عَنْ تَنْصِيصٍ بِجَوَازٍ أَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ صِحَّةَ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ ابْتِدَاءً وَبُطْلَانِهِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ لِحُصُولِ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَمَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: حَقَّانِ مُتَجَانِسَانِ) وَهُمَا الْوَقْفُ وَالْعِتْقُ وَتَجَانُسُهُمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا حَقُّ اللَّهِ (قَوْلُهُ كَنَقْدٍ لِلتَّزَيُّنِ) وَمِثْلُهُ وَقْفُ الْجَامِكِيَّةِ، لِأَنَّ شَرْطَ الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْوَاقِفِ وَهِيَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ، وَمَا يَقَعُ مِنْ اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ فِي الْفَرَاغِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ لِيَكُونَ لِبَعْضِ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَ مِنْ وَقْفِهَا بَلْ بِفَرَاغِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا وَصَارَ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَيَصِحُّ تَعْيِينُهُ لِمَنْ شَاءَ حَيْثُ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً، وَلِغَيْرِهِ نَقْضُهُ إذَا رَأَى فِي النَّقْدِ مَصْلَحَةً

(قَوْلُهُ: وَمَنْقُولٌ) حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ثُمَّ إذَا أَشْرَفَ الْحَيَوَانُ عَلَى الْمَوْتِ ذُبِحَ إنْ كَانَ مَأْكُولًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِي لَحْمِهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ الْمُعَارَةِ لَهُمَا إذَا قُلِعَا مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مَمْلُوكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَخْ، وَمَحِلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَأَتَّ شِرَاءُ حَيَوَانٍ أَوْ جُزْئِهِ بِثَمَنِ الْحَيَوَانِ الْمَذْبُوحِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْرِي لِلْبَاقِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مُوسِرًا بِخِلَافِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِ) قَرَّرَ م ر أَنَّهُ يُطْلَبُ التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ وَلَا الِاقْتِدَاءُ مَعَ التَّبَاعُدِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَرَاجِعْ مَا ذَكَرَهُ فِي طَلَبِ التَّحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ) أَيْ فَوْرًا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إفْرَازًا وَهُوَ مُشْكِلٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ آخَرَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ أَمْكَنَتْهُ الْقِسْمَةُ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ كَأَنْ جَهِلَ مِقْدَارَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ صِفَتُهَا) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ يَجْهَلُ صِفَةَ مَا مِنْهُ الْحِصَّةُ بِأَنْ لَمْ يَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ حُرْمَةُ مُكْثِ الْجُنُبِ فِيهِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ مَسْجِدًا هُوَ الْأَقَلُّ. (قَوْلُهُ: فَمَوْضِعُ تَوَقُّفٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَثْبُتْ بِنَحْوِ سَهْوٍ، أَمَّا إذَا ثَبَتَ كَذَلِكَ فَلَا تُوقَفُ فِيهِ صِحَّةُ وَقْفِيَّتِهِ مَسْجِدًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّارِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>