للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْعٍ، وَإِنْ فُهِمَ مِنْ إطْلَاقِهِمْ الْجَوَازُ فَالْأَحْوَطُ الْمَنْعُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي، وَمَا نُسِبَ لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ إفْتَائِهِ بِالْجَوَازِ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ (لَا) وَقْفُ (عَبْدٍ وَثَوْبٍ فِي الذِّمَّةِ) لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ عَيْنٍ، نَعَمْ يَجُوزُ الْتِزَامُهُ فِيهَا بِالنَّذْرِ (وَلَا وَقْفُ حُرٍّ نَفْسَهُ) لِأَنَّ رَقَبَتَهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ (وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ) لِعَدَمِ قَبُولِهَا لِلنَّقْلِ كَالْحُرِّ وَمِثْلُهَا الْمُكَاتَبُ، أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً عَلَى الْأَوْجَهِ، بِخِلَافِ ذِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذْ الْمُغَلِّبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ، وَمَرَّ فِي الْمُعَلَّقِ صِحَّةُ وَقْفِهِ (وَكَلْبٌ مُعَلَّمٌ) أَوْ غَيْرُ مُعَلَّمٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ وَتَقْيِيدُهُ بِالْمُعَلَّمِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ (وَأَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَيْعِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يَقِيسُ الْوَقْفَ عَلَى الْعِتْقِ، وَفِيمَا قَبْلَهُ يَقِيسُ وَقْفَهُ عَلَى إجَارَتِهِ: أَيْ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فِيهَا، وَفَارَقَ الْعِتْقُ بِأَنَّهُ أَقْوَى وَأَنْفَذُ لِسِرَايَتِهِ وَقَبُولِهِ التَّعْلِيقَ

(وَلَوْ) (وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ) إجَارَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً أَوْ مُسْتَعَارَةً مَثَلًا (لَهُمَا) ثَنَّاهُ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ لِأَنَّهَا بَيْنَ ضِدَّيْنِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ قَلْعُهُمَا فَلَا يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا.

قُلْنَا يَكْفِي دَوَامُهُ إلَى الْقَلْعِ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَلَوْ قَلَعَ ذَلِكَ وَبَقِيَ مُنْتَفَعًا بِهِ فَهُوَ وَقْفٌ كَمَا كَانَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فَهُوَ يَصِيرُ مِلْكًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَوْقُوفِ بَقِيَ عَلَى شُيُوعِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَكِنْ يَنْظُرُ طَرِيقَ انْتِفَاعِ الشَّرِيكِ بِحِصَّتِهِ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: يَنْتَفِعُ مِنْهُ بِمَا لَا يُنَافِي حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ كَالصَّلَاةِ فِيهِ وَالْجُلُوسِ لِمَا يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ كَالْخِيَاطَةِ، وَلَا يَجْلِسُ فِيهِ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يُجَامِعُ زَوْجَتَهُ، وَيَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي شُغُلِهِ لَهُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ أَنَّ مِلْكَهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَحْوَطُ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِيَّةِ، وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنْ تَثْبُتَ فِي مَكَان بِنَحْوِ سَمْرٍ ثُمَّ تُوقَفَ وَلَا تَزُولُ وَقْفِيَّتُهَا بَعْدُ بِزَوَالِ سَمْرِهَا لِأَنَّ الْوَقْفِيَّةَ إذَا ثَبَتَتْ لَا تَزُولُ ثُمَّ مَا نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ أَجَابَ بِهِ م ر عَنْ سُؤَالٍ، صُورَتُهُ: لَوْ فَرَشَ إنْسَانٌ بِسَاطًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَسَمَّرَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ مَسْجِدًا هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهُ؟ فَأَجَابَ حَيْثُ وَقَفَ ذَلِكَ مَسْجِدًا بَعْدَ إثْبَاتِهِ صَحَّ اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ أَمَّا جَعْلُ الْمَنْقُولِ إلَخْ مَحِلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ عَنْ الشَّيْخِ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ وَلَوْ مَعَ إثْبَاتِهِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي الْفَتَاوَى بِصِحَّةِ وَقْفِهِ مَعَ الْإِثْبَاتِ مُسْتَنِدًا فِيهِ لِغَيْرِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُغَلَّبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ) قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ لَا تُبْطِلُ، فَإِذَا أَدَّى النُّجُومَ عَتَقَ وَبَطَلَ الْوَقْفُ كَوُجُودِ الصِّفَةِ فِي وَقْفِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فِيهَا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَلْبِ دُونَ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ إجَارَتَهَا تَصِحُّ وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ الْوَقْفَ

(قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِدَةٌ) يُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِنَاءً وَلَا غِرَاسًا حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كُلِّفَ الْقَلْعَ مَجَّانًا، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ وُضِعَا بِأَرْضٍ بِحَقٍّ اهـ.

وَالْبِنَاءُ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ إجَارَةً فَاسِدَةً لَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ، هَذَا وَقَدْ مَرَّ لِلشَّارِحِ أَنَّ مَا قُبِضَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لَوْ بُنِيَ فِيهِ أَوْ غُرِسَ لَمْ يُقْلَعْ مَجَّانًا لِأَنَّ الْبَيْعَ وَلَوْ فَاسِدًا يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالْمُعَارِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، لَكِنْ قُدِّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ، فَمَا هُنَا يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ تَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَيْنَ ضِدَّيْنِ) زَادَ حَجّ وَالِاسْتِحَالَةُ اجْتِمَاعُ حَقِيقَتِهِمَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) هُوَ وَاضِحٌ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ لِتَعَيُّنِ بَقَائِهَا، أَمَّا الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْعَارِيَّةُ فَالْمَالِكُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَلْعِهِمَا حَالًا فَلَا بَقَاءَ لَهُمَا فَأَشْبَهَا الْمَغْصُوبَ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَغْصُوبِ بِأَنَّ لِمَالِكِ الْمَغْصُوبِ قَلْعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَجَّانًا، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ: مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي وَقَفَ لَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>