للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا الْأَخْرَسُ فَيَصِحُّ بِإِشَارَتِهِ وَأَمَّا الْكَاتِبُ فَبِكِتَابَتِهِ مَعَ النِّيَّةِ (وَصَرِيحُهُ) مَا اُشْتُقَّ مِنْ لَفْظِ الْوَقْفِ، نَحْوَ (وَقَفْت كَذَا) عَلَى كَذَا (أَوْ أَرْضِي) أَوْ أَمْلَاكِي (مَوْقُوفَةٌ) أَوْ وَقْفٌ (عَلَيْهِ وَالتَّسْبِيلُ وَالتَّحْبِيسُ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا كَأَمْلَاكِي حَبْسٌ عَلَيْهِ (صَرِيحَانِ عَلَى الصَّحِيحِ) فِيهِمَا لِاشْتِهَارِهِمَا شَرْعًا وَعُرْفًا فِيهِ.

وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِمَا كَاشْتِهَارِ الْوَقْفِ، وَقِيلَ الْأَوَّلُ كِنَايَةٌ وَالثَّانِي صَرِيحٌ (وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْت بِكَذَا صَدَقَةً مُحَرَّمَةً) أَوْ مُؤَبَّدَةً (أَوْ مَوْقُوفَةً) وَلَا يُشْكِلُ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ مَعَ صَرَاحَةِ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ فِيهَا خِلَافًا أَيْضًا، وَعَلَى عَدَمِهِ فَمَوْقُوفَةٌ فِي الْأُولَى وَقَعَتْ مَقْصُودَةً، وَفِي الثَّانِيَةِ وَقَعَتْ تَابِعَةً فَضَعَّفَتْ صَرَاحَتَهَا أَوْ مُسَبَّلَةً أَوْ مُحْبَسَةً أَوْ صَدَقَةَ حَبْسٍ أَوْ حَبْسٍ مُحَرَّمٍ أَوْ صَدَقَةً ثَابِتَةً أَوْ بَتَلَةً كَمَا قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانِ أَوْ لَا تُورَثُ (أَوْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ) الْوَاوُ هُنَا بِمَعْنَى أَوْ، إذْ أَحَدُهُمَا كَافٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ (فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَفْظَ التَّصَدُّقِ مَعَ هَذِهِ الْقَرَائِنِ لَا يَحْتَمِلُ سِوَى الْوَقْفِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ هَذَا صَرِيحًا بِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ بَائِنٌ مِنِّي بَيْنُونَةً مُحَرَّمَةً لَا تَحِلِّينَ لِي بَعْدَهَا أَبَدًا صَرِيحًا لِاحْتِمَالِهِ غَيْرِ الطَّلَاقِ كَالتَّحْرِيمِ بِالْفَسْخِ بِنَحْوِ رَضَاعٍ، وَالثَّانِي كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ تَأْكِيدِ مِلْكِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ.

وَقِيلَ لَا تَكْفِي صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ حَتَّى يَقُولَ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ (وَقَوْلُهُ تَصَدَّقْت فَقَطْ لَيْسَ بِصَرِيحٍ) فِي الْوَقْفِ وَلَا كِنَايَةً فَلَا يَحْصُلُ وَقْفٌ بِهِ (وَإِنْ نَوَاهُ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ صَدَقَةِ الْفَرْضِ وَالنَّقْلِ وَالْوَقْفِ (إلَّا أَنْ يُضَيِّقَهُ إلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ) كَتَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ (وَيَنْوِي الْوَقْفَ) فَيَصِيرَ كِنَايَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَحْصُل الْوَقْفُ بِهِ لِظُهُورِ اللَّفْظِ حِينَئِذٍ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُضَافِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تُرَادِفُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ تُرَادِفُ الْمَدْرَسَةَ وَقَدْ تُرَادِفُ الرِّبَاطَ فَيُعْمَلُ فِيهَا بِعُرْفِ مَحِلِّهَا الْمُطَّرِدِ وَإِلَّا فَبِعُرْفِ أَقْرَبِ مَحِلٍّ إلَيْهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ اهـ حَجّ.

أَقُولُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ مِنْ جَمَاعَةٍ فِي بِلَادٍ مُتَفَرِّقَةٍ مَثَلًا لِيَبْنِيَ زَاوِيَةً فِي مُحَلَّةِ كَذَا كَانَ الْعِبْرَةُ بِعُرْفِ مُحَلَّةِ الزَّاوِيَةِ دُونَ الدَّافِعِينَ، لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الدَّافِعِينَ بِعُرْفِ مُحَلَّةِ الزَّاوِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْآخِذُ مَحِلًّا بِعَيْنِهِ حَالَ الْأَخْذِ لِبِنَاءِ الزَّاوِيَةِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَبْنِي فِيهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الصِّحَّةُ وَكَرِهَ فِي النَّظَرِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَا أَمْكَنَ، ثُمَّ لَوْ بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخَذَهَا لِمَا ذَكَرً شَيْءٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَيَنْبَغِي حِفْظُهُ لِيَصْرِفَ عَلَى مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةُ الْمَدَارِسِ الْمَبْنِيَّةِ الْآنَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُعْلَمُ لِلْوَاقِفِ نَصٌّ عَلَى أَنَّهَا مَسْجِدٌ لِفَقْدِ كِتَابِ الْوَقْفِ وَلَا تُقَامُ بِهَا جُمُعَةٌ هَلْ تُعْطَى حُكْمُ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ الْمَدَارِسُ الْمَشْهُورَةُ الْآنَ حَالُهَا مَعْلُومٌ، فَمِنْهَا مَا عُلِمَ نَصُّ الْوَاقِفِ أَنَّهَا مَسْجِدٌ كَالشَّيْخُونِيَّة فِي الْإِيوَانَيْنِ خَاصَّةً دُونَ الصَّحْنِ، وَمِنْهَا مَا عُلِمَ نَصُّهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَسْجِدٍ كَالْكَامِلِيَّةِ وَالْبِيبَرْسِيَّة، فَإِنْ فَرَضَ مَا يُعْلَمُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّهَا مَسْجِدٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ اهـ.

وَأَفْهَم أَنَّ مَا لَمْ يُعْلَمْ فِيهِ شَيْءٌ لَا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلَا غَيْرِهَا يُحْكَمُ بِمَسْجِدِيَّتِهِ اكْتِفَاءً بِظَاهِرِ الْحَالِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَخْرَسُ) مُحْتَرِزٌ مِنْ نَاطِقٍ (قَوْلُهُ حَبَسَ عَلَيْهِ) أَيْ مَحْبُوسَةً وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ مَصْدَرُ حَبَسَ إذَا وَقَفَ وَبِضَمِّهَا الْمَوْقُوفُ فَفِي الْمُخْتَارِ الْحَبْسُ بِوَزْنِ الْقَفْلِ مَا وُقِفَ (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسَ مُحَرَّمٍ) أَيْ أَوْ صَدَقَةَ حَبْسٍ مُحَرَّمٍ؟ (قَوْلُهُ: صَرِيحًا بِغَيْرِهِ) وَهُوَ مَا ضَمَّهُ إلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُوَ الْمُبْتَدَأُ (قَوْلُهُ: حُبُسٌ عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعًا لِحَبِيسٍ حَتَّى يُنَاسِبَ التَّفْسِيرَ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ صَرَاحَةِ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ بِلَا خِلَافٍ) أَيْ مَعَ ذِكْرِهِ صَرَاحَةَ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ حَتَّى يُلَاقِيَ الْجَوَابَ بِأَنَّ فِيهَا خِلَافًا أَيْضًا عَلَى مَا فِيهِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا ثُمَّ يَدَّعِي فِيهِ الْخِلَافَ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ) وَالْقِيَاسُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الطَّلَاقَ يُمْنَعُ عَنْهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ يَسْتَفْسِرُ وَأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>