للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى مُعَيَّنٍ وَلَوْ جَمَاعَةً لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْوَقْفِ وَإِنْ نَوَاهُ، إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ بِلَا عِوَضٍ، فَإِنْ قَبِلَ وَقَبَضَهُ مَلَكَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ مَتَى نَوَى بِهِ الْوَقْفَ كَانَ وَقْفًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ حَرَّمْته أَوْ أَبَدْته لَيْسَ بِصَرِيحٍ) لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ مُسْتَقِلًّا بَلْ مُؤَكَّدٍ كَمَا مَرَّ فَيَكُونَ كِنَايَةً لِاحْتِمَالِهِ وَإِتْيَانُهُ بِأَوْ لِدَفْعِ إيهَامِ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِكِنَايَةٍ.

وَالثَّانِي أَنَّهُمَا صَرِيحَانِ لِإِفَادَتِهِمَا الْغَرَضَ كَالتَّحْبِيسِ وَالتَّسْبِيلِ (وَ) الْأَصَحُّ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ (أَنَّ قَوْلَهُ جَعَلْت الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا) مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ صَرِيحٌ حِينَئِذٍ (تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا) وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَكُونُ إلَّا وَقْفًا.

وَالثَّانِي لَا تَصِيرُ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِمَا وَصَفَهَا الشَّارِعُ بِقَوْلِهِ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَالْخِلَافُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ نَوَى بِهِ الْوَقْفَ أَوْ زَادَ لِلَّهِ صَارَ مَسْجِدًا قَطْعًا، وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَذِنْت فِي الِاعْتِكَافِ فِيهِ صَارَ مَسْجِدًا لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي مَسْجِدٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ صَيْرُورَتَهُ مَسْجِدًا بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِتَضَمُّنِ كَلَامِهِ الْإِقْرَارَ بِهِ لَا لِكَوْنِ ذَلِكَ صِيغَةَ إنْشَاءٍ لِوَقْفِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صِيغَةٌ لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَقْفًا بَاطِنًا

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ) وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ (يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) إنْ كَانَ أَهْلًا، وَإِلَّا فَقَبُولُ وَلِيِّهِ عَقِبَ الْإِيجَابِ أَوْ بُلُوغِ الْخَبَرِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ، إذْ دُخُولُ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِغَيْرِ الْإِرْثِ بَعِيدٌ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَأَتْبَاعُهُ وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ لِلْإِمَامِ وَآخَرِينَ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَنَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي السَّرِقَةِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بِالْقُرْبِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْعُقُودِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ، وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَاعْتَمَدُوهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ مِنْ بَعْدِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ، فَإِنْ رَدُّوا فَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ، فَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَعُدْ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ بَعْدَ قَبُولِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ فُلَانٍ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ وَرَثَةٍ حَائِزِينَ وَقَفَ عَلَيْهِمْ مُورِثُهُمْ مَا يَفِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَصَدَّقْت وَنَحْوِهِ، وَقَوْلُهُ إذْ هُوَ صَرِيحٌ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ كَانَ وَقْفًا إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: صَارَ مَسْجِدًا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ صَارَ أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي إنْشَاءِ وَقْفِهَا مَسْجِدًا، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ فِيهِ الشَّارِحُ بِمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي الِاعْتِكَافِ) أَيْ أَوْ فِي صَلَاةِ التَّحِيَّةِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) وَلَوْ مُتَرَاخِيًا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ حَيْثُ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ غَائِبًا فَلَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ إلَّا بَعْدَ الطُّولِ.

أَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ عَقِبَ الْإِيجَابِ، لَكِنْ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ هَلْ يَكْفِي قَبُولُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ صِحَّةِ الْقَبُولِ لِإِلْحَاقِهِمْ الْوَقْفَ بِالْعُقُودِ دُونَ الْوَصِيَّةِ.

وَقَوْلُهُ قَبُولُهُ: أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُعَيَّنُ وَلَا وَلِيُّهُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ فِي حِصَّةِ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: مَالَ م ر إلَى بُطْلَانِ الْوَقْفِ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ رَدَّ الْوَاقِفُ، وَقَالَ: إنَّ فِي الْمَنْقُولِ مَا يُسَاعِدُهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ.

وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَقَوْلُ سم رَدَّ الْوَاقِفُ: أَيْ رَجَعَ قَبْلَ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَبُولُ وَلِيِّهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَلِيُّهُ بَطَلَ الْوَقْفُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ الْوَاقِفُ أَوْ غَيْرُهُ، وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ فَوَلِيُّهُ الْقَاضِي فَيَقْبَلُ لَهُ عِنْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ أَوْ يُقِيمُ عَلَى الصَّبِيِّ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى جَمْعٍ فَقِبَل بَعْضُهُمْ دُونَ الْبَعْضِ بَطَلَ فِيمَا يَخُصُّ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ) أَيْ فِيمَنْ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَلَوْ رَدَّ بَطَلَ فِيمَا يَخُصُّهُ وَانْتَقَلَ لِمَنْ بَعْدَهُ وَيَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْوَقْفُ) هَذَا يُشْعِرُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ إنَّمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ وَرَثَةٍ حَائِزِينَ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَلْيُرَاجَعْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>