للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ الثُّلُثَ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ فَيَصِحُّ، وَيَلْزَمُ مِنْ جِهَتِهِمْ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ قَهْرًا عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوَقْفِ دَوَامَ الثَّوَابِ لِلْوَاقِفِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْوَارِثُ رَدَّهُ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ.

وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ إخْرَاجَ الثُّلُثِ عَنْ الْوَارِثِ بِالْكُلِّيَّةِ فَوَقْفُهُ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَلَوْ وَقَفَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ كَذَلِكَ وَلَمْ يُجِيزُوهُ نَفَذَ فِي ثُلُثِ التَّرِكَةِ قَهْرًا عَلَيْهِمْ كَمَا مَرَّ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَمَاتَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ قَبْرٌ بَطَلَ وَقْفُهُ، وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ وَجِهَةُ التَّحْرِيرِ كَالْمَسْجِدِ فَلَا قَبُولَ فِيهِ جَزْمًا وَلَمْ يَنُبْ الْإِمَامُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الْقَوْدِ لِأَنَّ هَذَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُبَاشِرٍ، وَلَوْ وُقِفَ عَلَى مَسْجِدٍ لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُ نَاظِرِهِ بِخِلَافِ مَا وُهِبَ لَهُ (وَلَوْ رَدَّ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْضُهُمْ الْوَقْفَ (بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْهُ (شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا) كَالْوَصِيَّةِ.

نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْحَائِزِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَزِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِرَدِّهِ كَمَا مَرَّ

وَلَمَّا تَمَّمَ الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ شُرُوطِهِ.

وَهِيَ: التَّأْبِيدُ، وَالتَّنْجِيزُ وَبَيَانُ الْمَصْرِفِ، وَالْإِلْزَامُ، فَقَالَ (وَلَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا) عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا (سَنَةً) مَثَلًا (فَبَاطِلٌ) وَقْفُهُ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ، إذْ وَضْعُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَوِيلُ الْمُدَّةِ وَقَصِيرُهَا.

نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَوْ وَقَفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَلْفَ سَنَةٍ أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّأْبِيدُ دُونَ حَقِيقَةِ التَّأْقِيتِ، وَلَا أَثَرَ لِتَأْقِيتِ الِاسْتِحْقَاقِ كَعَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ.

أَوْ إلَّا أَنْ يُولَدَ لِي وَلَدٌ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ.

وَلَا لِلتَّأْقِيتِ الضِّمْنِيِّ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَدُومُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْوَقْفِ) لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْقُرْبَةُ وَالدَّوَامُ فَإِذَا بَيَّنَ مَصْرِفَهُ ابْتِدَاءً سَهَّلَ إدَامَتَهُ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ (فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ) أَوْ لَمْ تُعْرَفْ أَرْبَابُ الْوَقْفِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا) لِأَنَّ وَضْعَ الْوَقْفِ الدَّوَامُ كَالْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْهُ فَلَا يَعُودُ كَمَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا إلَى مَكَّةَ فَرَدَّهُ فُقَرَاؤُهَا.

وَالثَّانِي يَرْتَفِعُ الْوَقْفُ وَيَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَاتَ، لِأَنَّ بَقَاءَ الْوَقْفِ بِلَا مَصْرِفٍ مُتَعَذِّرٌ، وَإِثْبَاتُ مَصْرِفٍ لَمْ يَذْكُرْهُ الْوَاقِفُ بَعِيدٌ فَتَعَيَّنَ ارْتِفَاعُهُ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ مَصْرِفَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَبْطُلُ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ قَبْرٌ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ لَهُ قَبْرٌ بَعْدَ الْمَوْتِ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ الْبُطْلَانُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ أَوْ قَبْرِ أَبِيهِ الْحَيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَفِي حَجّ بَعْدَ حِكَايَةِ هَذَا عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مَا نَصُّهُ: عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي تَفْصِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ فَاعْلَمْ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ كَوَقَفْتُهُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي أَوْ عَلَى قَبْرِ أَبِي وَأَبُوهُ حَيٌّ، بِخِلَافِ وَقَفْته الْآنَ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ وَصِيَّةٌ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أُجِيزَ وَعُرِفَ قَبْرُهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا بِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ إلَخْ عَلَى مَا لَوْ كَانَ صُورَةُ الْوَقْفِ وَقَفْت الْآنَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي فَيَصِحُّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ نجز وَعَلَّقَ إعْطَاءَهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَعَلَيْهِ فَالرِّيعُ الْحَاصِلُ فِي حَيَاتِهِ لِلْوَاقِفِ كَالْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ مِنْ الْمُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَالْمَقْبَرَةُ لِمُشَابَهَتِهَا لِلْمَسْجِدِ فِي كَوْنِ الْحَقِّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا قَالُوهُ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْوَقْفُ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْقُرْبَةَ الْمَحْضَةَ نَظَرُوا لِمَا يُقْصَدُ مِنْ اللَّفْظِ دُونَ مَدْلُولِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَصْرِفَهُ) أَيْ جَمِيعَ مَصْرِفِهِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوَّلِهِ.

أَمَّا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا فَبَاطِلٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَقَفْت فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ (قَوْلُهُ: فَرَدَّهُ) أَيْ فَلَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>