للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِوَصْفٍ أَعَمَّ مِنْهُ مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ مُنْضَبِطٍ غَالِبًا كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَهُوَ قَصْدُ الِاسْتِعْجَالِ هُنَا. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ: كَادَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرِيًّا مَحْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُضَمَّنُ بِضَمِّ الْيَاءِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْقَاتِلُ خَطَأً فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَضْمَنُهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُمْ ابْتِدَاءً، وَقَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ قَاتِلَهُ كَأَنْ يَجْرَحُهُ ثُمَّ يَمُوتُ هُوَ قَبْلَهُ.

وَمِنْ الْمَوَانِعِ أَيْضًا الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْإِقْرَارِ. وَكَوْنُ الْمَيِّتِ نَبِيًّا لِخَبَرِ «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ» وَيُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِ سَيِّدِنَا عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَائِرِ النَّبِيِّينَ.

وَاللِّعَانُ وَعَدَمُ تَحَقُّقِ حَيَاةِ الْوَارِثِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا كَحَرِيقٍ (أَوْ فِي غُرْبَةٍ مَعًا أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا) وَمِنْهُ أَنْ يُعْلَمَ سَبْقٌ لَا يُعْلَمُ عَيْنُ السَّابِقِ: أَيْ وَلَا يُرْجَى بَيَانُهُ، وَإِلَّا وُقِفَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (لَمْ يَتَوَارَثَا) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا التَّوَارُثَ بَيْنَ مَنْ قُتِلَ فِي يَوْمِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ إلَّا فِيمَنْ عَلِمُوا تَأَخُّرَ مَوْتِهِ.

وَلَوْ عُلِمَ السَّابِقُ ثُمَّ نَسِيَ وُقِفَ لِلْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ وَنَفْيِهِ التَّوَارُثَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ، وَإِلَّا غَلَبَ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إيهَامُ امْتِنَاعِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ وَلِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَرِثُ مِنْ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالْعَمَّةِ وَابْنِ أَخِيهَا، وَكَثِيرٍ مِنْ تِلْكَ الْمَوَانِعِ فِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْمَانِعِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ فَانْتِفَاءُ الْإِرْثِ إمَّا لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ أَوْ السَّبَبِ (وَمَالُ) أَيْ تَرِكَةُ (كُلٍّ) مِنْ الْمَيِّتَيْنِ بِنَحْوِ هَدْمٍ (لِبَاقِي وَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَّثَ الْأَحْيَاءَ مِنْ الْأَمْوَاتِ وَهُنَا لَا نَعْلَمُ حَيَاتَهُ عِنْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ فَلَمْ يَرِثْ كَالْجَنِينِ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا وَلِأَنَّا إنْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ فَهُوَ تَحَكُّمٌ أَوْ كُلًّا مِنْ صَاحِبِهِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ كُلٍّ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُفْ الْآخَرَ.

(وَمَنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ تُرِكَ مَالُهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ أَوْ تَمْضِيَ مُدَّةُ) التَّعْمِيرِ مِنْ وِلَادَتِهِ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ) أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ (أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا) وَلَا تَتَقَدَّرُ بِشَيْءٍ عَلَى الصَّحِيحِ (فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي وَيَحْكُمُ بِمَوْتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَلَا يُوَرِّثُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَمِنْهُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَنَدَ إلَى الْمُدَّةِ فَوَاضِحٌ، أَوْ إلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ فَهُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (يُعْطَى مَالُهُ مَنْ يَرِثُهُ وَقْتَ الْحُكْمِ) بِمَوْتِهِ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ حَيًّا إلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ أَوْ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَصْدُ الِاسْتِعْجَالِ) أَيْ الْوَصْفِ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ ظَاهِرِيًّا) أَيْ آخِذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ فَيَجُوزُ فِيهِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمُوتُ) أَيْ الْجَارِحُ وَقَوْلُهُ: قَبْلَهُ: أَيْ الْمَجْرُوحِ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ مَوْتِ عِيسَى) أَيْ أَوْ الْخَضِرِ عَلَى الْقَوْلِ بِنُبُوَّتِهِ وَأَنَّهُ حَيٌّ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: الْمُعَرَّفُ نَقِيضُ الْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ عَلَامَةٌ عَلَى نَقِيضِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: إذَا خَرَجَ مَيِّتًا) أَيْ أَوْ لَيْسَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عَلَى مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَمْضِي مُدَّةُ التَّعْمِيرِ) فِي حَجّ إسْقَاطُ التَّعْمِيرِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنْ وِلَادَتِهِ وَهِيَ الَّتِي يَغْلِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ) وَفِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ عَلَى، وَمَعْنَى تَغْلِيبِهَا الظَّنَّ تَفْوِيتُهَا لَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ قَرِيبًا مِنْ الْعِلْمِ فَلَا يَكْفِي أَصْلُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ) يُتَأَمَّلُ هَذَا وَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يُورَثُ إلَّا بِيَقِينٍ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي) خَرَجَ بِهِ الْمُحَكَّمُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا وَهُوَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي فَلَا يُورَثُ إلَّا بِيَقِينٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْحُكْمُ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ الْيَقِينِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ بِمَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ الَّذِي مَحَلُّ ذِكْرِهِ هُنَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْحُكْمِ) قَالَ غَيْرُهُ: أَوْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ حِينَئِذٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَيْ حِينَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْحُكْمِ. اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ الْبَيِّنَةِ إلَى حُكْمٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي وَيْحُكُمْ خَاصًّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْبَيِّنَةِ مِنْ نَحْوِ قَبُولِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِهَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، كَذَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ سم عَلَى التُّحْفَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>