للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ مُسْلِمٍ فِي الْمُسْلِمِ وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ نَحْوِ قَطْعِهِ وَلَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْقَوَدُ بِنَحْوِ إغْرَاقٍ جَازَ اجْتِمَاعُهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَفِي قَوَدِ نَحْوِ طَرَفٍ يَتَعَيَّنُ كَمَا يَأْتِي تَوْكِيلُ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ رُبَّمَا بَالَغَ فِي تَرْدِيدِ الْآلَةِ فَشَدَّدَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مُسْتَوْفٍ وَقَالَ كُلٌّ: أَنَا أَسْتَوْفِيهِ (فَقُرْعَةٌ) يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهَا بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ اسْتَوْفَى بِإِذْنِ الْبَاقِي؛ إذْ لَهُ مَنْعُهُ وَطَلَبُ الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَا تَسْتَوْفِ وَأَنَا أَسْتَوْفِي، وَإِنَّمَا جَازَ لِلْقَارِعِ فِي النِّكَاحِ فِعْلُهُ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إذْنٍ لِمَبْنَى مَا هُنَا عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ وَمَبْنَى ذَلِكَ عَلَى التَّعْجِيلِ مَا أَمْكَنَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَضَلُوا نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُمْ، وَفَائِدَةُ الْإِذْنِ بَعْدَ الْقُرْعَةِ تَعْيِينُ الْمُسْتَوْفِي وَمَنْعُ قَوْلِ كُلٍّ مِنْ الْبَاقِينَ أَنَا أَسْتَوْفِي وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ لِلْقَارِعِ لَا تَسْتَوْفِ أَنْتَ بَلْ أَنَا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُنَا: بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ (يَدْخُلُهَا) (الْعَاجِزُ) عَنْ اسْتِيفَاءٍ كَشَيْخٍ هَرَمٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ (وَيَسْتَنِيبُ) إذَا قُرِعَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَوِيَّةً جَلْدَةً (وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ) هَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُدْخَلُ بَيْنَ الْمُتَأَهِّلِينَ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَوْ خَرَجَتْ لِقَادِرٍ فَعَجَزَ أُعِيدَتْ بَيْنَ الْبَاقِينَ

(وَلَوْ) (بَدَرَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّينَ (فَقَتَلَهُ) عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْمُبَادَرَةِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي قَتْلِهِ، نَعَمْ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ قُتِلَ جَزْمًا أَوْ بِاسْتِقْلَالِهِ لَمْ يُقْتَلْ جَزْمًا كَمَا لَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْمُبَادَرَةِ، وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ فَقَتَلَهُ فَحَقُّ الْقَوَدِ لِوَرَثَتِهِ لَا لِمُسْتَحِقِّ قَتْلِهِ (وَلِلْبَاقِينَ) فِيمَا ذُكِرَ، وَكَذَا فِيمَا إذَا لَزِمَ الْمُبَادِرَ الْقَوَدُ وَقَتَلَ (قِسْطُ الدِّيَةِ) لِفَوَاتِ الْقَوَدِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ (مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْجَانِي الْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادِرَ فِيمَا وَرَاءَ حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ الْوَرَثَةُ الدِّيَةَ مِنْ تَرِكَةِ الْجَانِي لَا مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ جَوَازُ كَوْنِ الْمُسْتَوْفِي مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ ذَكَرًا أَجْنَبِيًّا إذَا كَانَ الْجَانِي أُنْثَى اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ فَاغْتُفِرَ النَّظَرُ لِأَجْلِهِ، وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، كَمَا أَنَّ الشَّاهِدَ يَجُوزُ لَهُ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِثُبُوتِ حَقٍّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ لَهَا

(قَوْلُهُ: وَلَا يُمَكِّنُهُمْ) أَيْ الْإِمَامُ

(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ إغْرَاقٍ) أَيْ أَوْ تَحْرِيقٍ شَرْحُ رَوْضٍ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهُ بَيْنَهُمْ) أَيْ حَيْثُ اسْتَمَرَّ النِّزَاعُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى الْقُرْعَةِ بِأَنْفُسِهِمْ وَخَرَجَتْ لِوَاحِدٍ فَرَضَوْا بِهِ وَأَذِنُوا لَهُ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْقَاضِي

(قَوْلُهُ: فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ اسْتَوْفَى) وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ أُعِيدَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْبَاقِينَ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْبَاقِي) يَنْبَغِي حَتَّى مِنْ الْعَاجِزِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ

(قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقُرْعَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بَعْدَ إذْنٍ مِنْهُمْ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ: يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فِعْلُهَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ تَوَقُّفِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْإِذْنِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَ قَوْلِهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ

(قَوْلُهُ: إذَا قُرِعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ

(قَوْلُهُ: قَوِيَّةً جَلْدَةً) بِسُكُونِ اللَّامِ.

قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالْجَلَدُ الصَّلَابَةُ وَالْجَلَادَةُ، تَقُولُ مِنْهُ جَلُدَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ فَهُوَ جَلْدٌ وَجَلِيدٌ بَيِّنُ الْجَلَدِ وَالْجَلَادَةِ وَالْجُلُودَةِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْقُرْعَةَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَدَرَ أَحَدُهُمْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ مُبَادَرَةً بِلَا إذْنٍ وَلَا عَفْوٍ مِنْ الْبَقِيَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ اهـ سم حَجّ.

وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ شَامِلٌ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ

(قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ) أَيْ الْجَانِيَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامَ أَوْ وَلِيَّ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَحَقُّ الْقَوَدِ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْجَانِي

(قَوْلُهُ: وَلِلْبَاقِينَ) أَخْرَجَ الْمُبَادِرَ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْجَانِي امْرَأَةً وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رَجُلًا؛ لِأَنَّ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَقَتَلَ: أَيْ وَكَذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ قَطْعِهِ) مَا أَوْهَمَهُ هَذَا مِنْ جَوَازِ قَطْعِ الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ عَدَمِ الِاجْتِمَاعِ مَدْفُوعٌ بِمَا يَأْتِي بَعْدَهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ كُلٌّ أَنَا أَسْتَوْفِيهِ) هُوَ قَيْدٌ فِي كَوْنِهِ يُقْرَعُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ كَمَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>