للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَجْنَبِيِّ فَكَذَا هُنَا، وَلِوَارِثِ الْجَانِي عَلَى الْمُبَادِرِ مَا زَادَ مِنْ دِيَتِهِ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ لِاسْتِيفَائِهِ مَا سِوَاهُ بِقَتْلِهِ الْجَانِيَ، كَذَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ.

وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ سُقُوطِهِ عَنْهُ تَقَاصًّا بِمَالِهِ عَلَى تَرِكَةِ الْجَانِي مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ جَرَيَانُ التَّقَاصِّ فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُدِمَتْ الْإِبِلُ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهَا (وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْمُبَادِرِ) لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى لِلْكُلِّ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ وَدِيعَةً أَحَدُ مَالِكِيهَا يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْوَدِيعِ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، بِخِلَافِ النَّفْسِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ، إذْ لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ (وَإِنْ بَادَرَ بَعْدَ) عَفْوِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَ (عَفْوِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ لَا حَقَّ لَهُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ قَتَلَ بَعْدَ الْعَزْلِ جَاهِلًا بِهِ لَمْ يُقْتَلْ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ مُرَاجَعَتِهِ لِغَيْرِهِ الْمُسْتَحِقِّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ (وَقِيلَ لَا) قِصَاصَ إلَّا إذَا عَلِمَ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَيَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِالْعَفْوِ (وَ) لَمْ (يَحْكُمْ قَاضٍ بِهِ) أَيْ بِنَفْيِهِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ

(وَلَا يُسْتَوْفَى) حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ أَوْ (قِصَاصٌ) فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ.

الَّذِي تَنَاوَلَتْ وِلَايَتُهُ إقَامَةَ الْحُدُودِ، وَلَا يُتَوَقَّفُ فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّ إقَامَتَهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ الْمُتَأَهِّلِ، وَيُسَنُّ حُضُورُ الْحَاكِمِ بِهِ لَهُ مَعَ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ، وَلَا يَحْتَاجُ لِلْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ وَذَلِكَ لِخَطَرِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّظَرِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي شُرُوطِهِ، وَيَلْزَمُهُ تَفَقُّدُ آلَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَالْأَمْرِ بِضَبْطِهِ فِي قَوَدِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إنْ لَمْ يَقْتُلْ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: مَا زَادَ مِنْ دِيَتِهِ) أَيْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ عَلَى نَصِيبِهِ أَيْ الْمُبَادِرِ

(قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ مَا سِوَاهُ) أَيْ سِوَى مَا زَادَ وَذَلِكَ السِّوَى هُوَ نَصِيبُ الْمُبَادِرِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ سُقُوطِهِ) أَيْ مَا زَادَ وَقَوْلُهُ بِمَالِهِ: أَيْ الْمُبَادِرِ بَدَلٌ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُبَادِرَ بِإِتْلَافِ الْجَانِي أَتْلَفَ مَحَلَّ تَعَلُّقِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُبَادِرِ مَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَيَجِبُ لَهُ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي بِقَدْرِ ذَلِكَ فَأَسْقَطْنَا مَا يَجِبُ لَهُ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْبَقِيَّةِ تَقَاصًّا، وَقَوْلُهُ عَنْهُ: أَيْ الْمُبَادِرِ

(قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَلْ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ هُنَا

(قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ) أَيْ فَمَقْصُودُ الْمَتْنِ نَفْيُ الْمَجْمُوعِ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَمْرَانِ فَتَقْدِيرُ لَمْ فِي الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ إلَخْ لِبَيَانِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا لِبَيَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ) أَيْ الِاسْتِيفَاءُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ حُضُورُ الْحَاكِمِ بِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ، وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ لِلْقِصَاصِ

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) تَوْجِيهٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ

(قَوْلُهُ: وَالْأَمْرِ بِضَبْطِهِ) أَيْ بِأَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ إلَخْ.) حَاصِلُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَنَّ الْأُولَى مُفَادُهَا أَنَّ الْمُبَادِرَ يُجْعَلُ بِنَفْسِ مُبَادَرَتِهِ مُسْتَوْفِيًا لِحِصَّتِهِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ مَا زَادَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي وَمُفَادُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ بِمُبَادَرَتِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لِوَرَثَةِ الْجَانِي جَمِيعُ دِيَتِهِ، فَيَسْقُطُ مِنْهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي نَظِيرِ الْحِصَّةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا فِي تَرِكَةِ الْجَانِي تَقَاصَّا وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَفَاوَتَ الدِّيَتَانِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَا زَادَ عَلَى دِيَتِهِ لِلْجَانِي وَفِي كُلٍّ مِنْ نَصِيبِهِ وَمُوَرِّثِهِ لِلْمُبَادِرِ وَفِي سُقُوطِهِ لِمَا زَادَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُدِمَتْ الْإِبِلُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الْمَرْجُوحِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: الَّذِي تَنَاوَلَتْ وِلَايَتُهُ إلَخْ.) أَيْ كَالْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: الْمُتَأَهِّلِ) أَيْ الْمُتَأَهِّلِ لِلطَّلَبِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ مُسْتَحِقٍّ مُتَأَهِّلٍ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُسْتَحِقٌّ ثُمَّ إنْ كَانَ مُتَأَهِّلًا فِي الْحَالِ طَلَبَ حَالًا، وَإِلَّا فَحَتَّى يَتَأَهَّلَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِخَطَرِهِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْقِصَاصِ، فَيَشْهَدَانِ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْنِي الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ بِوُقُوعِ الْقِصَاصِ لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَإِحْضَارُهُمَا مِمَّنْ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ كَغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ آكَدُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بِضَبْطِهِ) أَيْ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>