للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشارح: والثلثان فرض أربعة أصناف. ذكر المصنف الأول منهم بقوله: (لِلْبَنَاتِ جَمْعَا) والمراد اثنتين فأكثر، وقد صرح بذلك في قوله: (مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ) اثنتين أو أكثر (فَسَمْعَا) سمع طاعة، أي: امتثال وإذعان أي قبول موافقة للإجماع إذًا خصص الجمع هنا بما زاد عن واحدة موافقة للإجماع، فالمسألة فيها إجماع، وما رُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن للبنتين النصف لمفهوم قوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ}. [النساء: ١١]. {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ}، إذًا ثلاث فأكثر {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} لكن هذا المفهوم مفهوم ظرف وهو معارض لمفهوم شرط آخر، فهو منكر لم يصح عنه أولاً، وقيل: رجع إلى موافقة الجمهور. على كلٍّ هذا إما أنه لا يصح عن ابن عباس وهذا الذي ذكره الشارح هنا الشنشوري، أو أنه ثبت عنه أنه أعطى البنتين النصف وأعطى الثلاث فأكثر الثلثين، ثم رجع إلى موافقة الجمهور، الذي صح عنه موافقة الناس كما قال ابن عبد البر: ودليل الإجماع فيما زاد على الثنتين الآية المذكورة {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} وفي البنتين القياس على الأختين، لأن النص واضح أنه مفهوم ظرف، وهذا من أحسن الأجوبة عن شبهة ابن عباس رضي الله عنهما السابق، انظر سماها شبهة ليست بدليل، لماذا؟ لأنها خالفت أمرًا قطعيًّا وهو إجماع، هذا إن صحت عنه. قوله: (فَسَمْعَا) منصوب على أنه مفعول مطلق وعامله محذوف وجوبًا لأنه بدل من اللفظ بفعله، يعني المصدر هنا عوضًا عن التلفظ بالفعل، والمحذوف عامله وجوبًا قسمان واقعٌ في الطلب وواقع في الخبر، وهذا سبق بيانه في موضعه لأنه قال: (فَسَمْعَا). الفاء هنا واقعة في ماذا؟ إما أنه واقع في الطلب فيكون التقدير فاسمع لمن يقول باستحقاق الثنتين فأكثر من البنات للثلثين، ويجوز أن يكون من قبيل المصدر الواقع في الخير فيكون المعنى سمعت ما ورد من القول باستحقاق الثنتين فأكثر للثلثين (فَسَمْعَا).

ثم ذكر الصنف الثاني بقوله:

وَهْوَ كَذَاكَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ ... فَافْهَمْ مَقَالِيْ فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ

إذًا الصنف الثاني بنات الابن، اثنتان فأكثر لأنه ذكرهن ماذا؟ جمعًا (َهْوَ كَذَاكَ) أفرد الضمير هنا باعتبار كون الثلثين فرضًا ولم يقل وهما، أي: الثلثان قال: (وَهْوَ). أي: الثلثان، وأفرد الضمير هنا باعتبار كون الثلثين فرضًا (كَذَاكَ) أي مثل كونه للبنات ثابت ومفروض لبنات الابن اثنتان فأكثر وإن نزل أبوهما بمحض الذكور، وسواء كانتا أختين أو بنتي عم متحابِيَتَيْنِ قياسًا على بنتي الصلب، لأن بنت الابن كالبنت ويأخذن الثلثين بثلاثة شروط - هذ المهم - يأخذن الثلثين بثلاثة شروط:

الأول: عدم المعصب. إذا قيل: بنت الابن عدم المعصب من؟ ابن الابن من أخٍ لهن يعني أخوهم، أو ابن عم في درجتهن كما سيأتي في التعصيب.

الثاني: عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منهن.

الشرط الثالث: أن يكن اثنتين فأكثر كما سبق.

إذًا هذه ثلاثة شروط.

الأول: عدم المعصب، وهو ابن الابن من أخ لهن، أو ابن عم في درجتهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>