للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا (وَالثُّلُثَانِ) مفروض مفروضان لا إشكال فيه، الأول يطابق، والثاني يكون باعتبار الفرض. مفروض للبنات ثنتان فأكثر وصرّح بذلك الناظم وقال: جمعًا أي حال كونهن جمعًا. فجمعًا منصوب من المجرور للبنات اللام حرف جر والبنات اسم مجرور باللام، حينئذٍ جاءت الحال هنا من الاسم المجرور، أي حال كونهن جمعًا، فهو حال من البنات (مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فَسَمْعَا) فسر الجمع لأن الجمع هنا يختلف، الجمع هنا في باب الفرائض يختلف. قال: (مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ) فليس المراد بالجمع هنا ثلاثة فأكثر، وإنما المراد به ما زاد عن واحدة فيصدق بالثنتين، إذًا البنتان فأكثر لهن الثلثان، ولو قيل بأن المراد بالجمع حقيقته اللغوية حينئذٍ يصدق بماذا؟ بثلاثة فأكثر. إذًا والثلثان للبنات جمعًا (مَا زَادَ) ما اسم موصول بمعنى الذي بدل من البنات أو من جمعًا، يجوز هذا ويجوز ذاك، ويصح أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف أي والجمع ما زاد، وهذا جيّد لأنه أراد أن يفسر معنى الجمع، و (الْجَمْعَ) المراد به هنا ما زاد عن واحدة (فَسَمْعَا) أي فاسمع ما قلته لك سمعًا، فهو مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا. إذًا الصنف الأول الذي يرث الثلثين هو البنات ويستحق البنات الثلثين بشرطين:

الأول: أن يكنّ اثنتين فأكثر، وهذا قد نص عليه الناظم، لا أن يكن ثلاثة فأكثر كما روي عن ابن عباس لأنه قد أجمع العلماء على هذا، والمسألة فيها نزاع طويل عريض أخذوا عطا مع ابن عباس وغيره، هل المراد بالجمع فوق اثنتين ثلاثة فأكثر فالثنتان لهما النصف، أو نقول: ثنتان لهما الثلثان؟ هذ محل النزاع، ونحن قلنا: نذكر هنا المرجح فقط وإجماع أهل العلم، وقد حكى الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في الفتوى الجزء الواحد والثلاثين صفحة ثلاثمائة وخمسين، حكى الإجماع على أن البنتين يرثن الثلثين ولا يشترط في الجمع أن يكون ثلاثًا فأكثر. وإذا كان كذلك نقف على هذه المعلومة. إذًا الشرط الأول أن يكن اثنتين فأكثر لا ثلاثًا فأكثر، ولذلك نص الناظم على ذلك قال: (مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ) يكون مرتقيًا عن واحدة.

والشرط الثاني لميراث البنتين الثلثين: عدم المعصّب. وهو ابن الميت بصلبه، فلو وُجد معصب حينئذٍ لم يرثن الثلثين، بل يرثن بالتعصيب فيكون معصبًا لهن، لقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} إذًا الصنف الأول الذي يرث الثلثين البنات، والمراد بالبنات هنا جمعًا والمراد بالجمع ثنيتين فأكثر، ولا نقيده بالثلاثة كما روي عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>