للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النظر في هذه المسائل الأربعة كلها بين السهام وعدد الرؤوس يكون بالموافقة أو بالمباينة، ثُمَّ إن كان المنكسر عليه فريقًا واحدًا ضربته أي عند المباينة، ضربت عدد الرؤوس، ضربته في ماذا؟ في أصل المسألة، أو وفقه في أصل المسألة، متى؟ إذا كان النظر بين السهام وعدد الرؤوس في بالموافقة، كما ذكر في الموافقة، وإن كان المنكسر عليه فرقاً ورددت الموافق منها لوفقه وأبقيت المباين منها بحاله فتحتاج بعد ذلك لعمل آخر.

إذًا إذا كان المنكسر عليه فريقًا واحدًا لا إشكال فيه، إن أخذت المباينة أخذت كامل عدد الرؤوس فضربته في أصل المسألة، إن كان بالوفق أخذت الوفق بالموافقة أخذت الوفق وضربته في أصل المسألة، إن كان ثم فريقان فأكثر حينئذ سيأتي عملٌ آخر قبل الضرب في أصل المسألة. (فاحفظ ودع عنك الجدال والمرا)، (فاحفظ) ما ذكرته لك، حذف المفعول للعموم، يعني احفظ المذكور هذا وغيره، حذف المفعول به من أجل إفادة العموم، (فاحفظ) ما ذكرته لك (ودع) أي اترك عنك الجدال، (الجدال) نوعان:

- جدال بحق.

- جدال بباطل.

ولا شك أن المراء هنا الجدال بالباطل، وهو الذي يراد به إظهار الباطل. قال ابن الأثير رحمه الله تعالى في النهاية: في معنى حديث «ما أُوتي قومٌ الجدال إلا ضلّوا». الجدل مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة المناظرة والمخاصة، والمراد به في الحديث الجدلُ عن الباطل وطلب المغالبة على الباطل به، فأما الجدل لإظهار الحق فإن ذلك محمود، وقد يكون مأمورًا به واجبًا، لقوله تعالى {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] قوله: ... {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} هذا جار ومجرور متعلق بقوله: جادل. ومعلوم أن الجدل على نوعين حينئذ صار الجار والمجرور هنا مخصِّصًا لأنه في معنى الصفة. وقول القرطبي: جدِلَ بالكسر جدلاً أحكم الخصومة، وجادله جدالاً مجادلةً خاصمه، والمراء أي الجدال والمخاصمة، يعني بمعنى ما سبق. قال القرطبي: ماريته أماريه مراءً يعني جادلته، فالجدل والمراء بمعنىً واحد.

قال المنذري رحمه الله تعالى: الترهيب من المراء والجدل وهو المخاصمة والمحاججة وطلب القهر بالغلبة، والترغيب في تركه للمحق والمبطل. إذًا الجدل على قسمين - قد يكون حقاً.

- وقد يكون باطلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>