للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سياسة «صلاح الدين الأيوبى» وخلفائه فى مطاردة الصليبيين

وإجلائهم عن الشرق الأدنى، ولم يكن ذلك بالأمر الهين؛ إذ كان يتعين

عليه مواجهة الكيانات الصليبية فى «أنطاكية» و «طرابلس»، وفى

الجزء الباقى من مملكة «بيت المقدس» ليقضى على إماراتهم فيها،

ولكى يصل إلى تحقيق ذلك رأى القضاء على كل إمارة منها على

حدة، فسارعت بعض المدن بعقد الصلح معه، وبدأ جهاده بحصار

«قيسارية»، ثم استولى عليها، فرفع هذا النصر من معنويات جنوده،

فتابع انتصاراته واستولى على «صفد»، و «شقيف»، و «يافا»، ثم

على «أنطاكية» التى تحالفت مع التتار ضد المسلمين، فكان

لسقوطها دوىّ هائل فى الإمارات الصليبية التى أسرعت بعقد الصلح

مع «الظاهر بيبرس»، ذلك الرجل الذى وهب حياته للجهاد فى سبيل

الله.

وبعد أن هدأ القتال مع الصليبيين اتجه «بيبرس» إلى مواجهة المغول

وانتصر عليهم فى معركة «عين جالوت»، ثم تعقبهم حتى أجلاهم عن

بلاد الشام.

لقد كانت حياة «الظاهر بيبرس» وجهاده محاولة منه لإعادة مسيرة

الناصر «صلاح الدين» والمظفر «قطز» معًا، ولم يبخل فى سبيل

تحقيق استقرار أمن المسلمين ودولتهم بكل ما يملك من وقت وجهد

ومال، فأصبح عصره من أزهى عصور المسلمين فى التاريخ، وأعاد

إلى البلاد هيبتها وأمنها واستقرارها بعد ما مر بها من فترات عصيبة

سبقته، وكذلك أعاد إلى الخلافة الإسلامية مكانتها ونقلها إلى

«القاهرة»، وأسس جيشًا قويا، وأسطولا عظيمًا، ويكفيه فخرًا أن

«مصر» حققت انتصاراتها العظيمة على الصليبيين والمغول فى عهده

وتحت قيادته.

جهاد قلاوون وأسرته ضد الصليبيين:

استأنف السلطان «قلاوون» الجهاد ضد الصليبيين فى سنة

(٦٨٥هـ)،وبدأ بمناوشتهم، وحاصر «اللاذقية» التى كانت تحت

سيطرتهم، ثم استولى عليها وعلى «طرابلس الشام» من بعدها، ولم

يبق فى أيدى الصليبيين فى الشرق الأدنى سوى «بيروت»

و «صور»، و «عكا» التى كانت من أمنع الحصون الصليبية، فرغب فى

<<  <  ج: ص:  >  >>