للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

البول.

فإن قلت: المعنى الذي ذكرته لا يتأتى هاهنا.

قلت: هو يكون صريحا نحو استكتبه أي طلب منه الكتابة، وقد يكون تقديرا نحو استخرجت الزيد من الحائط، فليس هاهنا طلب صريح، بل المعنى لم أزل أتلف وأتحيل حتى خرج ونزل ذلك منزلة الطلب هاهنا كذلك فافهم. وقال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومما يؤيده أي ومما يؤيد ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف - رحمهما الله - ما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيع جنازة سعد بن معاذ وكان يمشي على رؤوس الأصابع من زحام الملائكة التي حضرت للصلاة عليه فلما وضع في القبر ضغطته الأرض ضغطة كادت أضلاعه تختلف فسئل رسول» .

وقال تاج الشريعة: لما توفي سعد بن معاذ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تولى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دفنه، فلما فرغ خرج من قبره متغير اللون وقال: «الله تعالى أكبر لا إله الله والله أكبر لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد بن معاذ، ولقد رأيت القبر ضمه حتى سمعت صوت أعضائه» قال الراوي: كان قميص رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منخرقا فسئل عن ذلك فقال: إن سبعين من الحور العين تعلقن بي. وقالت كل واحدة منهن زوجني من سعد، ثم سئل النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن سبب هذه الضغطة فقال: إنه كان لا يستنزه عن البول.

قلت: كل من الحديثين لم يذكره أحد بهذه الألفاظ، بل روى الإمام - رَحِمَهُ اللَّهُ - من حديث جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «لما دفن سعد ونحن مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسبح الناس معه ثم كبر فكبر الناس معه فقالوا يا رسول الله لم سبحت قال لقد تضايق على هذا البعد الصالح» .

وروى البزار بإسناد جيد من حديث نافع عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لقد هبط يوم مات سعد بن معاذ سبعون ألف ملك إلى الأرض لم يهبطوا قبل ذلك، ولقد ضمه القبر ضمة» " ثم بكى نافع وكانت وفاته بعد انصراف الأحزاب بنحو من خمس وعشرين ليلة، وكان قدوم الأحزاب في شوال سنة خمس، فأقاموا قريبا من شهر، وذكر في " المبسوط " في قوله: إنه كان لا يستنزه، لم يرد به بول نفسه، فإن من لا يستنزه منه لا تجوز صلاته، وإنما أراد أبوال الإبل عند تعالجها. وذكر السغناقي هذا في شرحه ثم أخذ عنه الأكمل.

قلت: يؤيد ذلك ما رواه البيهقي حدثنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا موسى بن بكير عن ابن إسحاق حدثني أمية بن عبد الله أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>