للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه يستحيل إلى نتن وفساد فصار كبول ما لا يؤكل لحمه وتأويل ما روي أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عرف شفاءهم فيه وحيا؛

ــ

[البناية]

سأل بعض آل سعد ما بلغكم من قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا؟ فقالوا ذكر لنا أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عن ذلك فقال: كان يقصر في بعض الطهور من البول، وكان سعد كبير الأوس وكان حامل لوائهم يوم بدر ومعالجة الإبل وطبقة الغلمان.

وقال السغناقي وجه مناسبة عذاب القبر مع ترك استنزاه البول هو أن القبر أول منزل من منازل الآخرة، والطهارة أول منزل من منازل الصلاة، والصلاة أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة كما جاء في الحديث، وكانت الطهارة أول ما يعذب بتركها في أول منزل من منازل الآخرة وليس ذلك إلا القبر. م: (ولأنه) ش: أي ولأن بول الشاة، هذه إشارة إلى دليل معقول وهو أن بول ما يؤكل لحمه م: (يستحيل إلى نتن وفساد فصار كبول ما لا يؤكل لحمه) ش: والاستحالة إلى النتن والفساد حقيقة النجاسة، وقد مضى عن قريب تفسير النتن والفساد.

فإن قلت: قد اتفقوا على طهارة لعاب ما يؤكل لحمه وعلى طهارة عرقه، فوجب أن يكون بوله مثلهما. قلت: هذا يبطل بالآدمي فإن ريقه وعرقه طاهران، وبوله نجس بإجماع المسلمين، نقل الإجماع ابن المنذر، وبول الكبير والصغير سواء عند سائر العلماء، إلا ما يروى عن داود أن بول الصغير طاهر، وأما بول باقي الحيوانات التي لا يؤكل لحمها فينجس عند العلماء قاطبة كالأئمة الأربعة وغيرهم، إلا ما نقل عن النخعي أنه طاهر، وحكى ابن حزم عن داود أن الأبوال والأرواث طاهرة من كل حيوان إلا الآدمي، وهذا في نهاية الفساد.

م: (وتأويل ما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عرف شفاءهم فيه وحيا) ش: هذا جواب عن الحديث الذي احتج به محمد. قوله تأويل مرفوع بالابتداء مضاف إلى قوله ما روي، ويجوز الوجهان في روي أحدهما أن يكون صيغة معلوم أي تأويل ما رواه محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -. والثاني أن يكون صيغة مجهول أي تأويل ما روي في الحديث المذكور، وقوله "أنه" خبر المبتدأ أي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عرف شفاءهم أي شفاء العرنيين فيه، أي في بول الإبل وحيا، أي من حيث الوحي وهو نصب على التمييز. فإذا كان من حيث الحكم يكون حكما ولا يوجد مثله في زماننا، فلا يحل شربه لأنه لا يتيقن بالشفاء فيه فلا يعرض من الحرمة. وقال السغناقي أيضا حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عنه فقد ذكر قتادة عن أنس أنه رخص لهم في شرب ألبان الإبل، ولم يذكر الأبوال، وإنما ذكره في حديث حميد عن أنس، فإذا دار بين أن يكون حجة وبين أن لا يكون سقط الاحتجاج به وتبعه الأكمل على ذلك، وكذلك صاحب " الدراية ".

قلت: هذا كلام واه جدا، فإن البخاري قال حدثنا مسدد وحدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة عن أنس أن أناسا من عرينة اجتووا المدينة ... الحديث وفيه فيشربوا من ألبانها وأبوالها، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>