للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لا يحل شربه للتداوي ولا لغيره؛ لأنه لا يتيقن بالشفاء فيه فلا يعرض عن الحرمة. وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - يحل للتداوي للقصة، وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - يحل للتداوي وغيره لطهارته عنده.

ــ

[البناية]

ذكرناه عن قريب، أخرجه البخاري في آخر الزكاة، وروى الزكاة في باب المحاربة وفيه من أبوالها وألبانها، وهذا عن أبي قلابة عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وقال في آخر حديث قتادة عن أنس تابعه أبو قلابة حميد وكاتب عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فإذا كان كذلك فكيف يقول هؤلاء ذكر قتادة عن أنس أنه رخص لهم في شرب ألبان الإبل ولم يذكر الأبوال، وفي إحدى روايات البخاري ذكر الأبوال ثم الألبان، وفي الأخرى بالعكس، وفي رواية تقديم الأبوال ما يوهم تأكيد إباحة شرب بول ما يؤكل لحمه.

وقال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وقيل: إنه منسوخ، ولم يبين ذلك، وجهه أنه كان في أول الإسلام ثم نسخ بعد أن نزلت الحدود، ألا ترى أن فيه قطع الأيدي والأرجل وتسميل الأعين لكونهم ارتدوا، كما أشار إليه أبو قلابة في رواية الحديث عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بقوله - لكونهم قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا، ولم يكن جزاء المرتد إلا القتل، فعلم أن إباحة البول كالمثلة م: (ثم عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يحل شربه) ش: شرب بول الغنم م: (للتداوي) ش: أي لأجل التداوي م: (ولا غيره) ش: أي ولا لأجل غير التداوي م: (لأنه) ش: أي لأن الشأن م: (لا يتيقن بالشفاء فيه) ش: أي في شربه للتداوي.

م: (فلا يعرض عن الحرمة) ش: أي فإذا كان كذلك فلا تعرض عن كون شربه حراما إلا بتيقن الشفاء فلا يوجد ذلك، والمرجع إلى ذلك بقول الأطباء وقولهم ليس بحجة قطعية، فيجوز أن يكون شفاء لقوم دون قوم لاختلاف الأمزجة.

م: (وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - يحل) ش: أي يحل شربه م: (للتداوي) ش: لأنه لو كان حراما مطلقا لما أحله بالحديث وهو أن الله تعالى لم يجعل الشفاء في الحرام م: (للقصة) ش: يعني قصة العرنيين التي دلت على إباحة شرب بول الإبل لأجل التداوي.

م: (وعند محمد يحل للتداوي وغيره) ش: أي يحل شربه لأجل التداوي ولغير التداوي أراد أنه سوى بينه وبين اللبن، وقوله منقوض بلبن الأتان فإنه طاهر بالاتفاق ولا يحل شربه، وفي "الملتقط" لبن الأتان وعرقها، وشحمها ولحمها بعد الذبح طاهرة بالاتفاق، إلا أنها لا تؤكل، ثم من أصحابنا من منع الانتفاع بلحمها وشحمها كالأكل، ومنهم من جوزه كالزيت يخالطه دهن الميتة، والزيت غالبا ينتفع به ولا يؤكل، وإذا لم يجز التداوي بلبن الأتان باتفاق أصحابنا فبالخمر أولى؛ لأن لبنها طاهر بالاتفاق، والخمر نجس بإجماع المسلمين إلا ما حكى القاضي أبو الطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>