للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وأما حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فهو معارض بما رواه ابن خزيمة في "صحيحه " والطبراني في "معجمه" عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة، وأبا بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -» وقوله: في الصلاة، زادها ابن خزيمة. والحديث الذي رواه الحاكم وقال: إنما ذكرته شاهدا، فقال الذهبي في "مختصره ": أما استحى الحاكم يورد في كتابه مثل هذا الحديث الموضوع، فأنا أشهد بالله والله إنه لكذب. وقال ابن عبد الهادي: سقط منه (لا) وتوثيق الحاكم لا يعارض ما يثبت في الصحيح خلافه؛ لما عرف من تساهله، وكيف وأصحاب أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الثقات الأثبات يروون عنه خلاف ذلك، حتى إن شعبة سأل قتادة عن هذا، فقال: أنت سمعت أنسا يذكر ذلك؟ فقال: نعم. وأخبره باللفظ الصريح المنافي للجهر.

واحتجت الشافعية أيضا بالآثار، ومنها ما رواه البيهقي في "الخلافيات " من حديث عمر بن ذر عن أبيه سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: صليت خلف عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان أبي يجهر بها. قلنا: هذا مخالف للصحيح الثابت عن عمر أنه كان لا يجهر، وروى الطحاوي بإسناده عن أبي وائل قال: كان عمر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لا يجهران. وقد روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن أبيه أيضا عدم الجهر، فإن ثبت الجهر يحمل على أنه فعله مرة لتعليم أو بسبب من الأسباب.

ومنها: ما رواه الخطيب من طريق الدارقطني بسنده عن عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم. قلنا: هذا باطل، وعثمان بن عبد الرحمن هو الوقاصي، أجمعوا على ترك الاحتجاج به. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: كذاب ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الأشياء والموضوعات لا يحل الاحتجاج به، وقال النسائي: متروك الحديث.

ومنها ما أخرجه الخطيب أيضا، عن يعقوب عن عطاء بن أبي رباح عن أبيه، قال: «صليت خلف علي بن أبي طالب، وعدة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلهم يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم» . قلنا: وهذا أيضا لا يثبت، وعطاء بن أبي رباح لم يلحق عليا، ولا صلى خلفه قط، والحمل فيه على ابنه يعقوب، فقد ضعفه غير واحد من الأئمة، قال أحمد: منكر الحديث. وأما شيخ الخطيب فيه فهو أبو الحسين محمد بن الحسن بن أحمد الأصبهاني الأهوازي، ويعرف بابن أبي علي، فقد تكلموا فيه، وذكروا أنه كان يركب الأسانيد. ونقل الخطيب عن أحمد بن علي الجصاص قال: كنا نسمي ابن أبي علي الأصبهاني جراب الكذب!.

ومنها: ما أخرجه الخطيب أيضا من قوله من طريق الدارقطني عن الحسن بن محمد بن عبد الواحد

<<  <  ج: ص:  >  >>