للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: هو محمول على التعليم؛

ــ

[البناية]

ثنا الحسن بن الحسين ثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن صالح بن نبهان قال: صليت خلف أبي سعيد الخدري وابن عباس وأبي قتادة وأبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم. قلنا: وهذا أيضا لا يثبت، والحسن بن الحسين هو العربي إن شاء الله. وهو شيعي ضعيف، أو هو الحسين بن الحسن الأشقر، وانقلب اسمه، وهو أيضا شيعي ضعيف أو مجهول. وإبراهيم بن أبي يحيى قد رمي بالرفض والكذب. وصالح بن نبهان مولى التوأمة قد تكلم فيه مالك وغيره من الأئمة، وفي إدراكه الصلاة خلف أبي قتادة نظر. وهذا الإسناد لا يجوز الاحتجاج به.

وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه لأن الشيعة ترى الجهر وهم أكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث، وكان أبو علي بن أبي هريرة أحد أعيان أصحاب الشافعي يترك الجهر بها، وهو يقول: الجهر بها صار من شعار الروافض. وغالب أحاديث الجهر نجد في روايتها من هو منسوب إلى التشيع.

وأما أقوال التابعين في ذلك فليست بحجة مع أنها قد اختلفت، فروي عن غير واحد منهم الجهر، وروي عن غير واحد منهم تركه، والواجب في ذلك الرجوع إلى الدليل لا إلى الأقوال.

م: (قلنا: هو محمول على التعليم) ش: هذا جواب عما احتج به الشافعي فيما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جهر في صلاته بالتسمية، ويريد أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما جهر بها لأجل تعليم أنه بها يسر، أو يقال: إنه محمول على الجهر الذي يسمعه القارئ، ويقال: إنه محمول على وقوعها اتفاقا، ويقال: كان الجهر ابتداء قبل نزول قَوْله تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥] (الأعراف: الآية ٥٥) فكأنهم كانوا يجهرون بالثناء والقراءة أيضا حتى نزل قوله: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ} [الإسراء: ١١٠] (الإسراء: الآية ١١٠) .

قلت: كل هذا لا يجزئ ولا يرضى به الخصم ولا يندفع.

وكانت الطريقة في هذا أن يحتج المصنف نصرة لمذهبه بما روى من الأحاديث الصحيحة، ثم يجيب عما احتج به الخصم بما يجاب به عند ورود الأحاديث والأخبار المتناقضة، فنقول وبالله التوفيق:

قد ذكرنا أن للتسمية أربعة أحوال: هل هي من القرآن أم لا؟ وهل هي من الفاتحة أم لا؟ وهل هي من أول كل سورة أم لا؟ فهذه الثلاثة قد ذكرناها وبقى الرابع وهو أنها هل يجهر بها أم لا؟

فقال الشافعي ومن معه: يجهر بها، ونحن نقول: لا يجهر؛ لما روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث شعبة: سمعت قتادة يحدث عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: «صليت خلف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخلف أبي بكر وعمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فلم أسمع أحدا منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم» . وفي لفظ لمسلم «فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله

<<  <  ج: ص:  >  >>