للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

أبونا إذا سمع أحدا منا يقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يقول: أي بني صليت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فلم أسمع أحدا منهم يقول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» .

ورواه الطبراني في "معجمه " عن عبد الله بن بريدة عن ابن عبد الله بن مغفل عن أبيه مثله. ثم أخرجه عن أبي سفيان طريف بن شهاب عن يزيد بن عبد الله بن مغفل عن أبيه قال: «صليت خلف إمام فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فلما فرغ من صلاته قلت: ما هذا؟! غيب عنا هذه التي أراك تجهر بها! فإني قد صليت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومع أبي بكر وعمر فلم يجهروا بها» .

فهؤلاء ثلاثة رووا هذا الحديث عن ابن عبد الله بن المغفل عن أبيه، وهم أبو نعامة وأبو سفيان السعدي. أما أبو نعامة فقد وثقه ابن معين وغيره، وأما عبد الله بن بريدة فأشهر من أن يثنى عليه، وأما أبو سفيان مهران وإن تكلم فيه ولكنه يعتبر به ما تابعه عليه غيره من الثقات، وهو الذي سمى ابن عبد الله بن المغفل يزيد، كما هو عند الطبراني فقط، فقد ارتفعت الجهالة عن ابن عبد الله بن مغفل برواية هؤلاء الثلاثة عنه.

وقد تقدم في " مسند أحمد " عن أبي نعامة عن بني عبد الله بن المغفل، وبنوه الذي يروي عنهم يزيد وزياد ومحمد، والنسائي وابن حبان وغيرهم يحتجون بمثل هؤلاء مع أنهم ليسوا مشهورين بالرواية، ولم يرو أحد منهم حديثا منكرا ليس له شاهد ولا متابع حتى يجرح بسببه. وإنما رووا ما رواه غيرهم من الثقات.

فأما يزيد فهو الذي سمي في هذا الحديث. وأما محمد فروى له الطبراني عنه عن أبيه قال: سمعت النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يقول: «ما من إمام يبيت غاشا لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» . وأما زياد فروى له الطبراني عنه عن أبيه مرفوعا: «لا تحذفوا فإنه لا يصاد به صيد ولا ينكأ العدو ولكنه يكسر السن ويفقأ العين» . وبالجملة فهذا حديث صريح في عدم الجهر بالتسمية، وهو وإن لم يكن من أقسام الصحيح فلا ينزل عن درجة الحسن، وقد حسنه الترمذي، والحديث الحسن يحتج به لاسيما إذا تعددت شواهده وكثرت متابعاته.

فإن قلت: تركوا الاحتجاج به لجهالة ابن عبد الله بن مغفل.

[قلت] : قد احتجوا بما هو أضعف منه، بل احتج الخطيب بما يعلم هو أنه موضوع. والبيهقي لم يحسن في تضعيفه هذا الحديث، غير أنه بعد أن رواه في كتابه " المعرفة " قال: تفرد به أبو نعامة قيس بن عباية، وأبو نعامة وابن عبد الله بن مغفل لم يحتج بهما صاحبا " الصحيح "، وكل ذلك لأجل التعصب والتحامل. وقوله: تفرد به، غير صحيح، فقد تابعه عبد الله بن بريدة وأبو سفيان

<<  <  ج: ص:  >  >>