للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: أَفْقَهُهُمَا: الثَّانِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ، بِأَنَّ اللَّفْظَ يُنَزَّلُ عَلَى الْمَغْشُوشَةِ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ إِذَا أَعْطَتْ مَغْشُوشَةً، وَهَلْ تُسَلَّمُ لَهُ الدَّرَاهِمُ بِذَلِكَ؟ قَالَ الْمُتَوَلِّي: يُبْنَى عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِالْمَغْشُوشَةِ.

إِنْ لَمْ نُجَوِّزْهَا، رَدَّ الدَّرَاهِمَ وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِلَّا سُلِّمَتْ لَهُ الدَّرَاهِمُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَصَحَّ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْغَالِبُ فِي الْبَلَدِ الدَّرَاهِمَ الْخَالِصَةَ، فَلَا تُطَلَّقُ إِلَّا إِذَا أَعْطَتْ مَا تَبْلُغُ نُقْرَتُهُ أَلْفًا.

وَفِي وَجْهٍ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ بَلَغَتْهُ، كَمَا لَوْ أَعْطَتْهُ سَبِيكَةً. فَإِنْ قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَهُوَ الْوُقُوعُ، فَهَلْ يَمْلِكُ الزَّوْجُ الْمَدْفُوعَ إِلَيْهِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ تُنَزَّلُ عَلَى الْغَالِبِ.

وَالثَّانِي: [نَعَمْ] ؛ لِأَنَّ قَبْضَهَا اعْتُبِرَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَكَذَا فِي إِفَادَةِ الْمِلْكِ، لَكِنْ لَهُ الرَّدُّ بِسَبَبِ الْعَيْبِ. فَإِذَا رَدَّ، رَجَعَ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِلَى أَلْفٍ خَالِصَةٍ فِي قَوْلٍ.

وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْغِشَّ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا بَلَغَتِ الْفِضَّةُ الْخَالِصَةُ أَلْفًا، بَقِيَ الْغِشُّ شَيْئًا آخَرَ مَضْمُومًا، فَلَا يَمْلِكُهُ كَمَا لَوْ ضَمَّتْ إِلَى الْأَلْفِ ثَوْبًا.

قُلْتُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِالْمِلْكِ، أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إِلَى الْغِشِّ لِحَقَارَتِهِ فِي جَنْبِ الْفِضَّةِ، وَيَكُونُ تَابِعًا كَمَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ نَعْلِ الدَّابَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْمُعَامَلَةُ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ، فَذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابَيِ الزَّكَاةِ وَالْبَيْعِ، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>