للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّابِعَةُ: قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَوَصَفَهُ بِمَا يُعْتَبَرُ فِي السَّلَمِ، فَأَتَتْ بِهِ بِالصِّفَةِ، طُلِّقَتْ، وَمَلَكَهُ الزَّوْجُ كَمَا قُلْنَا فِي الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ، لَمْ تُطَلَّقْ وَلَا يَمْلِكُهُ.

فَلَوْ كَانَ بِالصِّفَةِ لَكِنَّهُ مَعِيبٌ، فَلَهُ الْخِيَارُ. فَإِنْ رَدَّهُ، رَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَبِقِيمَتِهِ سَلِيمًا فِي قَوْلٍ، وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِسَلِيمٍ بِالصِّفَةِ، وَفِي كِتَابِ الْحَنَّاطِيِّ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْعَبْدَ، بَلْ يَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

أَمَّا إِذَا قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا وَلَمْ يَصِفْ، فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا لَهَا، طُلِّقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ يَكُونُ مُعَاوَضَةً، وَالْمَجْهُولُ لَا يَكُونُ عِوَضًا، فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَطْعًا.

وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَالْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا، أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا الْعِوَضُ إِذَا ابْتَدَأَتْ فَسَأَلَتْ طَلَاقًا بِعِوَضٍ، فَقَالَ فِي جَوَابِهَا: إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَسَوَاءٌ إِنْ أَعْطَتْ سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا، أَوْ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ عَلَى صِفَةٍ، لِوُقُوعِ اسْمِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ، وَإِمْكَانِ نَقْلِهِ وَتَمْلِيكِهِ.

فَإِنْ أَعْطَتْهُ مُكَاتَبًا، لَمْ تُطَلَّقْ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي أَمَةً، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، فَأَعْطَاهُ أُمَّ وَلَدِهِ.

وَأُشِيرَ فِي الْمَكَاتَبِ إِلَى وَجْهٍ. وَلَوْ وَصَفَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ صِفَاتِهِ، فَهُوَ كَعَدَمِ الْوَصْفِ فِي أَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، لَكِنْ لَوْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا بِغَيْرِ الصِّفَةِ، لَمْ تُطَلَّقْ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا تُرْكِيًّا، فَأَعْطَتْهُ هِنْدِيًّا.

وَلَوْ أَتَتْ بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ مُشْتَرَكٍ لَهَا وَلِغَيْرِهَا، أَوْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَتَتْ بِدَرَاهِمَ مَغْصُوبَةٍ، فَوَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى إِعْطَاءً، وَطُرِدَ الْخِلَافُ فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ.

قُلْتُ: يَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُسْتَأْجَرِ إِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>