للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

إِذَا أَقَرَّ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى بِأَنَّهُ سَرَقَ مِنْ زَيْدٍ الْغَائِبِ سَرِقَةً تُوجِبُ الْقَطْعَ، فَهَلْ يُقْطَعُ فِي الْحَالِ، أَمْ يَنْتَظِرُ حُضُورَ زَيْدٍ وَمُطَالَبَتَهُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَضَرَ، وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَبَاحَهُ الْمَالَ، فَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّارِقُ، وَالْحَدُّ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، فَتَأْخِيرُهُ أَوْلَى، وَلَوْ بِإِكْرَاهِ جَارِيَةِ غَائِبٍ عَلَى الزِّنَى فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُحَدُّ لِلزِّنَى وَلَا يُؤَخَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِ، وَلَوْ حَضَرَ وَقَالَ: كُنْتُ أَبَحْتُهَا لَهُ، لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُؤَخَّرُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُقِرُّ بِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْجَارِيَةَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ الْمَالِكُ: كُنْتُ بِعْتُهَا، أَوْ وَهَبْتُهَا، وَأَنَكَرَ الْمُقِرُّ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ الْحَدُّ، وَعَلَى قِيَاسِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ الْحَدُّ إِذَا أَقَرَّ بِوَقْفِ الْجَارِيَةِ، وَكَذَّبَهُ الْمَقِرُّ.

قُلْتُ: لَيْسَ الْوَقْفُ كَالْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا قَبُولٍ عَلَى الْمُخْتَارِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا قُلْنَا: لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، فَهَلْ يُحْبَسُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: نَعَمْ، كَمَنْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ لِغَائِبٍ أَوْ صَبِيٍّ، وَالثَّانِي: إِنْ قَصُرَتِ الْمَسَافَةُ وَتُوُقِّعَ قُدُومُهُ عَلَى قُرْبٍ، حُبِسَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ تَالِفَةً، حُبِسَ لِلْغُرْمِ، وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، أُخِذَتْ مِنْهُ، ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَ طُولِ الْمَسَافَةِ وَقِصَرِهَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِغَصْبِ مَالِ غَائِبٍ، لَمْ يُحْبَسْ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِمَالِ الْغَائِبِ.

فَرْعٌ

لَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ بِسَرِقَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْقَطْعِ، قُطِعَ وَفِي قَبُولِهِ فِي الْمَالِ أَقْوَالٌ، أَظْهَرُهَا: لَا يُقْبَلُ، وَالثَّانِي: يُقْبَلُ، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، قُبِلَ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>