للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَلَفَ، فَلَا، وَالرَّابِعُ: عَكْسُهُ، هَذَا إِذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ فِي يَدِ السَّيِّدِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ دُونَ النِّصَابِ، لَمْ يُقْبَلْ بِلَا خِلَافٍ إِلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ سَيِّدُهُ.

فَرْعٌ

مَتَى رُفِعَ إِلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَاتُّهِمَ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَةً لِلَّهِ تَعَالَى، فَلِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالْإِنْكَارِ، وَيَحْمِلَهُ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ الدَّعْوَى، فَهَلْ يُعَرِّضُ لَهُ بِالرُّجُوعِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ: نَعَمْ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمَاعِزٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِالزِّنَى: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ» وَالثَّانِي: لَا، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنِ الْجُمْهُورِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَالثَّالِثُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِجَوَازِ الرُّجُوعِ، عَرَّضَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي التَّعْرِيضُ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِلْحَدِيثِ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ التَّعْرِيضَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ. وَالتَّعْرِيضُ فِي الزِّنَى: لَعَلَّكَ فَاخَذْتَ، أَوْ لَمَسْتَ، أَوْ قَبَّلْتَ. وَفِي شُرْبِ الْخَمْرِ: لَعَلَّكَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْتَهُ مُسْكِرٌ. وَفِي السَّرِقَةِ: لَعَلَّكَ غَصَبْتَ، أَوْ أَخَذْتَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَنَحْوُهَا، وَلَا يَحْمِلُهُ الْقَاضِي عَلَى الرُّجُوعِ تَصْرِيحًا بِأَنْ يَقُولَ: ارْجِعْ عَنِ الْإِقْرَارِ، أَوِ اجْحَدْهُ، وَإِذَا ثَبَتَ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّ، فَلَا يُعَرِّضُ لَهُ بِالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ بِهَا، حَتَّى لَا يُعَرِّضَ فِي السَّرِقَةِ بِمَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ، إِنَّمَا يَسْعَى فِي دَفْعِ الْقَطْعِ، وَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لِلشُّهُودِ بِالتَّوَقُّفِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ إِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي السَّتْرِ، وَإِلَّا فَلَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>