للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلوا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل الطلاق جائز إلا طلاق الصبي والمعتوه" (١)، فقد استثنى الصبي والمعتوه، والسكران ليس في معناهما، ولأن الصحابة جعلوه كالصاحي في الحد بالقذف، ولأنه إيقاع للطلاق من مكلف غير مكره صادف ملكه فوجب أن يقع كطلاق الصاحي ويدل على تكليفه أنه يقتل بالقتل ويقطع بالسرقة وبهذا فارق المجنون.

القول الثاني: أن طلاقه لا يقع وهو قول بعض الحنفية وبعض الشافعية، ورواية عند الحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم (٢).

واستدلوا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (٣)، حيث جعل قول السكران غير معتبر لأنه لا يعلم ما يقول، ولأنه زائل العقل أشبه المجنون والنائم فهو غير مكلف لانعقاد الإجماع على أن من شرط التكليف العقل ومن لا يعقل ما يقول فليس بمكلف، ولأنه مفقود الإرادة أشبه المكره.

ولا فرق بين زوال الشرط بمعصية أو غيرها بدليل أن من كسر ساقيه جاز له أن يصلي قاعدًا ولو ضربت المرأة بطنها فنفست سقطت عنها الصلاة ولو ضرب رأسه فجن سقط عنه التكليف.


(١) قال الحافظ في الدراية (٢/ ٦٩): "حديث: "كل طلاق جائز إلا طلاق الصبى والمجنون" لم أجده وإنما روى ابن أبي شيبة عن ابن عباس موقوفًا لا يجوز طلاق الصبي، وأخرج عن علي بإسناد صحيح "كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه".
(٢) المبسوط (٦/ ١٧٦)، شرح فتح القدير (٣/ ٤٨٨)، بدائع الصنائع (٣/ ٩٩)، الوسيط (٥/ ٣٩١)، الفتاوى الكبرى (١/ ١٨٦)، و (٥/ ٤٨٩). إعلام الموقعين (٤/ ٣٩).
(٣) سورة النساء: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>