للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالصَّحِيحُ) الْمُخْتَارُ (عِنْدَ) جُمْهُورِ (الْقَوْمِ) ، وَهُوَ مَذْهَبُ عُلَمَاءِ الشَّرْقِ، وَاخْتَارَ أَهْلُ التَّحَرِّي وَالْوَرَعِ الْمَنْعَ مِنْ إِطْلَاقِ كُلٍّ مِنْ ثَنَا وَأَنَا وَنَحْوِهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ وَالْإِجَازَةِ؛ خَوْفًا مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْكَامِلِ، وَ (تَقْيِيدُهُ) أَيِ: الْمَذْكُورِ مِنْهَا (بِمَا يُبِينُ) أَيْ: يُوَضِّحُ (الْوَاقِعَا) فِي كَيْفِيَّةِ التَّحَمُّلِ مِنَ السَّمَاعِ، أَوِ الْإِجَازَةِ، أَوِ الْمُنَاوَلَةِ، بِلَفْظٍ لَا إِشْكَالَ فِيهِ، بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَنِ الْآخَرِ، كَأَنْ يَقُولَ: أَنَا أَوْ ثَنَا فُلَانٌ (إِجَازَةً) ، أَوْ أَنَا أَوْ ثَنَا (تَنَاوُلًا) ، أَوْ (هُمَا مَعَا) أَيْ: إِجَازَةَ مُنَاوَلَةٍ، أَوْ فِيمَا (أَذِنَ لِي) ، أَوْ فِيمَا (أَطْلَقَ لِي) رِوَايَتَهُ عَنْهُ، أَوْ فِيمَا (أَجَازَنِي) ، أَوْ فِيمَا (سَوَّغَ لِي) ، أَوْ فِيمَا (أَبَاحَ لِي) ، أَوْ فِيمَا (نَاوَلَنِي) .

قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ كَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ يَقُولُ فِي الْمُنَاوَلَةِ: أَعْطَانِي فُلَانٌ أَوْ دَفَعِ إِلَيَّ كِتَابَهُ، وَشَبِيهًا بِهَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ الَّذِي نَسْتَحْسِنُهُ، هَذَا مَعَ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، فَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ التَّقْيِيدِ أَيْضًا، وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: وَالَّذِي أَرَاهُ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَ فِيهَا؛ أَيْ: فِي الْإِجَازَةِ، أَنَا لَا بِالْإِطْلَاقِ وَلَا بِالتَّقْيِيدِ ; لِبُعْدِ دَلَالَةِ لَفْظِ الْإِجَازَةِ عَنِ الْإِخْبَارِ؛ إِذْ مَعْنَاهَا فِي الْوَضْعِ الْإِذْنُ فِي الرِّوَايَةِ - انْتَهَى، وَلَيْسَ مَا قَالَهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ فِي أَوَّلِ ثَالِثِ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ.

وَمِمَّنْ كَانَ يَسْلُكُ التَّقْيِيدَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْخَلَّالُ ; فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ (اشْتِقَاقِ الْأَسْمَاءِ) : أَنَا فُلَانٌ إِجَازَةً، وَكَذَا أَجَازَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيَّ أَخْبَرَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>