للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُطْلِقَ فِي الْإِجَازَةِ أَنَا بِدُونِ بَيَانٍ فَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبًا لَهُ أَيْضًا، عَلَى أَنَّ شَيْخَنَا جَوَّزَ أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا نَصْرٍ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ الْغَازِيَّ الْأَصْبِهَانِيَّ مِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَافِظَ بْنَ السَّمْعَانِيِّ لَمَّا قَالَ فِي تَرْجَمَتِهِ: إِنَّهُ كَانَ لَا يُفَرِّقُ السَّمَاعَ مِنَ الْإِجَازَةِ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: يُرِيدُ أَنَّ السَّمَاعَ وَالْإِجَازَةَ سَوَاءٌ فِي الِاتِّصَالِ أَوِ الِاحْتِجَاجِ، وَإِلَّا فَمَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ يُرِيدُ - أَيْ: يَفْهَمُ - أَنَّ السَّمَاعَ شَيْءٌ، وَالْإِجَازَةَ شَيْءٌ.

قَالَ شَيْخُنَا: مَا أَظُنُّهُ أَرَادَ مَا فَهِمَهُ الذَّهَبِيُّ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ إِذَا حَدَّثَ لَا يُمَيِّزُ هَذَا مِنْ هَذَا، بَلْ يَقُولُ مَثَلًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: أَنَا، وَلَا يُعَيِّنُ فِي الْإِجَازَةِ كَوْنَهَا إِجَازَةً - انْتَهَى.

وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ كَانَ يَقُولُ فِيمَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مَشَايِخِهِ بَلْ رَوَاهُ إِجَازَةً: أَخْبَرَنَا فُلَانٌ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُولُ: وَأَنَا أَسْمَعُ، فَيَشْتَدُّ الِالْتِبَاسُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْحَالِ.

وَفِي تَأْرِيخِ أَصْبَهَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ. بَلْ وَكَذَا فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْأَصْبِهَانِيِّ مِنَ الْحِلْيَةِ لَهُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، زَادَ فِيهَا: وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِمَّا يَتَّضِحُ بِهَا الْمُرَادُ ; فَإِنَّهَا تُشْعِرُ أَنَّهُ رَوَاهُ عَالِيًا عَنِ الْأَوَّلِ إِجَازَةً، وَبِنُزُولٍ عَنِ الثَّانِي سَمَاعًا. وَأَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ مِنَ الْحِلْيَةِ أَيْضًا: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَذِنَ لِي فِيهِ، وَلَكِنْ قَدْ حَكَى ابْنُ طَاهِرٍ فِي أَطْرَافِ الْأَفْرَادِ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا عَنْ شَيْخِهِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَهُوَ اصْطِلَاحٌ لَهُمَا غَرِيبٌ، وَكَأَنَّ النُّكْتَةَ فِي التَّصْرِيحِ عَنْ شَيْخِهِ بِذَلِكَ اعْتِمَادُهُ الْمَرْوِيَّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>