للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا يَفْعَلُهُ الْمُسْتَمْلِي، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ.

وَقُدِّمَتْ عَلَى آدَابِ الطَّالِبِ الَّتِي كَانَ الْأَلْيَقُ تَقْدِيمَهَا ; إِمَّا لِكَوْنِهَا أَشْرَفَ، أَوْ لِمُنَاسَبَتِهَا لِأَكْثَرِ الْفُرُوعِ الَّتِي فِي صِفَةِ الرِّوَايَةِ وَالْأَدَاءِ، وَقَدْ صَنَّفَ الْخَطِيبُ كِتَابًا حَافِلًا لِآدَابِ كُلٍّ مِنْهُمَا سَمَّاهُ (الْجَامِعَ لِآدَابِ الرَّاوِي وَأَخْلَاقِ السَّامِعِ) قَرَأْتُهُ، وَكَذَا لِأَبِي سَعْدِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ (أَدَبُ الْإِمْلَاءِ وَالِاسْتِمْلَاءِ) .

[وُجُوبُ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ وَتَصْحِيحِهَا عِنْدَ التَّحْدِيثِ] :

(وَصَحِّحِ) أَيُّهَا الْمُرِيدُ الرِّوَايَةَ (النِّيَّةَ فِي التَّحْدِيثِ) وَقَدِّمْهَا عَلَيْهِ بِحَيْثُ تَكُونُ فِي ذَلِكَ مُخْلِصًا لِلَّهِ لَا يَشُوبُكَ فِيهِ غَرَضٌ دُنْيَوِيٌّ، بَلْ طَاهِرَ الْقَلْبِ مِنْ أَعْرَاضِهَا وَأَدْنَاسِهَا، بَعِيدًا عَنْ حُبِّ الرِّيَاسَةِ وَرُعُونَاتِهَا وَدَسَائِسِهَا، كَالْعُجْبِ وَالطَّيْشِ وَالْحُمْقِ وَالدَّعْوَى بِحَقٍّ، فَضْلًا عَنْ بَاطِلٍ، لَا تُحِبُّ أَنْ يَحْمَدَكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَلَا تُرِيدُ بِهِ مَعْنًى سِوَى التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ.

وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فَمَا صَنَعْتَ شَيْئًا، وَلَا تَأْمَنُ أَنْ يَقُولَ لَكَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِينَ قَوْلِكَ: (تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ) -: (كَذَبْتَ، وَلَكِنْ لِيُقَالَ: قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ) . ثُمَّ يُؤْمَرُ بِمَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ فَيُسْحَبُ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى يُلْقَى فِي النَّارِ، إِذِ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لَهُ.

وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ «سَمَّعَ النَّاسَ بِعِلْمِهِ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ، وَصَغَّرَهُ وَحَقَّرَهُ» ) . وَ ( «رُبَّ قَائِمٍ، أَوْ صَائِمٍ، حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ، أَوْ صِيَامِهِ، السَّهَرُ، أَوِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ» ) نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>