للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدِيثِ، وَكَثِيرٌ مِنْهَا مَرَاقٍ إِلَى الْعِلْمِ، وَأَكْثَرُهَا أُمُورٌ يَشْغَفُ بِهَا الْمُحَدِّثُ، مِنْ تَحْصِيلِ النُّسَخِ الْمَلِيحَةِ، وَتَطَلُّبِ الْإِسْنَادِ الْعَالِي، وَتَكْثِيرِ الشُّيُوخِ، وَالْفَرَحِ بِالْأَلْقَابِ، وَتَمَنِّي الْعُمُرِ الطَّوِيلِ لِيَرْوِيَ، وَحُبِّ التَّفَرُّدِ، إِلَى أُمُورٍ عَدِيدَةٍ لَازِمَةٍ لِلْأَغْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ لَا لِلْأَعْمَالِ الرَّبَّانِيَّةِ.

قَالَ: فَإِذَا كَانَ طَلَبُكَ لِلْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ مَحْفُوفًا بِهَذِهِ الْآفَاتِ، فَمَتَى خَلَاصُكَ مِنْهَا إِلَى الْإِخْلَاصِ؟ وَإِذَا كَانَ عِلْمُ الْآثَارِ مَدْخُولًا، فَمَا ظَنُّكَ بِعُلُومِ الْأَوَائِلِ الَّتِي تَنْكُثُ الْأَيْمَانَ وَتُورِثُ الشُّكُوكَ؟ وَلَمْ تَكُنْ - وَاللَّهِ - فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، بَلْ كَانَتْ عُلُومُهُمُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ. انْتَهَى.

عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ: لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إِذَا خَلَصَ مِنْ هَذِهِ الشَّوَائِبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُهُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ.

[الْحَثُّ عَلَى نَشْرِ الْحَدِيثِ] :

(وَاحْرِصْ) مَعَ تَصْحِيحِ النِّيَّةِ (عَلَى نَشْرِكَ لِلْحَدِيثِ) ، وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرَ هَمِّكَ، فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ: ( «بَلِّغُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>