للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِدُ أَهْلُ السَّلَامَةِ مِنْهَا مَخْلَصًا، وَلَا عَنْهَا مَدْفَعًا، فَيَنْبَغِي لِلشَّيْخِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ طَلِبَتِهِ، وَيَصْرِفَهُ عَنْ بُغْيَتِهِ، وَلَا يُعِينُهُ عَلَى إِمْضَاءِ مَكْرِهِ وَإِعْمَالِ شَرِّهِ، فَفِي الْحَدِيثِ « (وَاضِعُ الْعِلْمِ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ اللُّؤْلُؤَ وَالْجَوْهَرَ وَالذَّهَبَ) » انْتَهَى.

وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ:

ارْثِ لِرُومِيَّةٍ تَوَسَّطَهَا خِنْزِيرُ ... وَابْكِ لِعِلْمٍ حَوَاهُ شِرِّيرُ

وَكَذَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَمْتَنِعُ مِنْ إِلْقَاءِ الْعِلْمِ لِمَنْ لَا يَفْهَمُهُ، فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ تِلْمِيذًا سَأَلَ عَالِمًا عَنْ عِلْمٍ فَلَمْ يُفِدْهُ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ مَنَعْتَهُ؟ فَقَالَ: لِكُلِّ تُرْبَةٍ غَرْسٌ، وَلِكُلِّ بِنَاءٍ إِسٌّ. وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الطَّبَّاخِ الْحَاذِقِ، يَعْمَلُ لِكُلِّ قَوْمٍ مَا يَشْتَهُونَ مِنَ الطَّعَامِ.

وَعَنْ بَعْضِ الْبُلَغَاءِ قَالَ:

لِكُلِّ ثَوْبٍ لَابِسُ ... وَلِكُلِّ عِلْمٍ قَابِسُ

[لَا يَنْبَغِي التَّحْدِيثُ بِدُونِ قَرَارٍ] :

(وَلَا تُحَدِّثْ عَجِلًا) بِكَسْرِ الْجِيمِ، أَيْ: حَالَ كَوْنِكَ مُسْتَعْجِلًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى السُّرْعَةِ فِي الْقِرَاءَةِ النَّاشِئِ عَنْهَا الْهَذْرَمَةُ غَالِبًا (أَوْ أَنْ تَقُمْ) أَيْ: فِي حَالِ قِيَامِكَ.

(أَوْ فِي الطَّرِيقِ) مَاشِيًا كُنْتَ أَوْ جَالِسًا، فَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَتَفَهَّمَ مَا أُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَلْ قِيلَ لَهُ: لِمَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؟ قَالَ: أَتَيْتُهُ وَالنَّاسُ يَكْتُبُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>