للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال خليفة بن خيَّاط: «كانت وقعة صفِّين يوم الأربعاء، لسبع خلون من صفر، سنة سبع وثلاثين، وكان الصلح ليلة السبت، لعشر خلون من صفر، وفيها اجتمع الحكمان أبو موسى الأشعري من قبل علي، وعمرو بن العاص من قبل معاوية، بدومة الجندل في شهر رمضان، ويقال بأذرح، وهي من دومة الجندل قريب، فبعث علي ابن عباس ولم يحضر، وحضر معاوية، فلم يتفق الحكمان على شيء وافترق الناس» (١).

بل صحَّ عن أبي صالح ذكوان السمَّان (٢): «أن عليَّاً قال لأبي موسى: احكم، ولو بحزِّ عنقي» (٣).

وبعد هذا الاتفاق بين المصادر على التوقف والصلح، لا نكاد نجد آثاراً صحيحة تبين بدقة ما الذي جرى بين الطرفين في هذه الهدنة، وما الذي توصَّلُوا إليه. ولذا وجب التوقف عن التحديث بهذه الروايات المنكرة متونها، الواهية أسانيدها، والتي تطعن في ديانة وأخلاق من زكَّاهم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

يقول ابنُ العربيِّ -بعد ردِّه لروايات التحكيم الضعيفة، واعتماده لرواية حُضين بن المنذر التي تقدَّمت-: «فهذا كان بدء الحديث ومنتهاه، فأعرِضوا عن الغاوين، وازجروا العاوين، وعرِّجوا عن سبيل الناكثين، إلى سنن المهتدين، وأمسكوا الألسنة عن السابقين إلى الدين.


(١) تاريخ خليفة بن خياط (ص: ١٩١ - ١٩٢). وانظر كذلك الطبقات الكبرى لابن سعد (٣/ ٣٢)، وتاريخ الطبري (٥/ ٦٦ - ٦٧).
(٢) إمام ثقة، وقد شهد الدار زمن عثمان - رضي الله عنه -، كما في ترجمته في التهذيب (٣/ ٢١٩).
(٣) إسناده صحيح إلى أبي صالح: أخرجه ابن أبي شيبة (٣٧٨٥٣)، ولكن يبقى أن رواية أبي صالح عن علي مرسلة، كما في جامع التحصيل (ص: ١٧٤).

<<  <   >  >>