للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمدرك) عطف تفسيري لَهَا (الْإِدْرَاك) فَاعل يحصل (عِنْدهم) أَي الفلاسفة خبر إِن (الْعقل الْعَاشِر الْمُتَعَلّق بفلك الْقَمَر، وَإِلَيْهِ ينسبون الْحَوَادِث اليومية على مَا هُوَ كفرهم): يَعْنِي مَذْهَبهم الْمُشْتَمل على أَنْوَاع من الْكفْر (لَا) الْعقل (الأول، وَكَذَا) بعيد عَن الصَّوَاب (جعله) أَي النُّور الْمَذْكُور (الْمرتبَة الثَّانِيَة من مَرَاتِب النَّفس) الناطقة بِحَسب مَالهَا من التعقل، وَهِي أَرْبَعَة: الأولى استعداد بعيد نَحْو الْكَمَال بِمُجَرَّد قابليتها لإدراك المعقولات مَعَ خلوّها عَن إِدْرَاكهَا بِالْفِعْلِ كَمَا للأطفال وَهِي لَيست لسَائِر الْحَيَوَانَات، وَيُسمى عقلا هيولانيا تَشْبِيها بالهيولي الخيالية فِي نَفسهَا عَن جَمِيع الصُّور الْمُقَابلَة لَهَا الثَّانِيَة استعداد متوسط لتَحْصِيل النظريات بعد حُصُول الضروريات، وَتسَمى عقلا بالملكة كَمَا سَيَجِيءُ لما حصل بهَا من ملكة الِانْتِقَال إِلَى النظريات وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فِيهَا جدا الثَّالِثَة الإقدار على استحصال النظريات مَتى شَاءَت من غير احْتِيَاج إِلَى كسب جَدِيد لكَونهَا مكتسبة مخزونة تحضر بِمُجَرَّد الِالْتِفَات، وَيُسمى عقلا بِالْفِعْلِ لقربها من الْفِعْل الرَّابِعَة حُصُول النظريات مُشَاهدَة، وَيُسمى عقلا مستفادا لاستفادتها من الْعقل الفعال (أَعنِي) بالمرتبة الثَّانِيَة (الْعقل بالملكة) وَإِنَّمَا كَانَ بَعيدا (لِأَنَّهُ) أَي النُّور الْمَذْكُور (آلَة لَهَا) أَي لهَذِهِ الْمرتبَة لَا نَفسهَا (والمسمى) بِالْعقلِ بالملكة (هِيَ) أَي النَّفس (فِي هَذِه الْمرتبَة أَو الْمرتبَة) الَّتِي فِيهَا النَّفس (وكل هَذِه) الِاحْتِمَالَات (فضلات الفلاسفة لَا يَلِيق بالشرعي) كَذَا قَالَ الشَّارِح، وَالْأَوْجه أَن يُقَال: أَي بِالَّذِي لَهُ نِسْبَة إِلَى الشَّرْع ليرتبط بِهِ قَوْله (الْبناء عَلَيْهَا) أَي على الاعتبارات الْمَذْكُورَة الموهومة (لعدم الِاعْتِدَاد بهَا شرعا، ثمَّ يتَفَاوَت) الْعقل بِحَسب الْفطْرَة بِالْإِجْمَاع وَشَهَادَة الْآثَار، فَرب صبي أَعقل من بَالغ (وَلَا يناط) التَّكْلِيف (بِكُل قدر) بِأَن يُكَلف كل من لَهُ مِقْدَار من الْعقل قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا لقُصُور بعض مراتبه عَن فهم الْخطاب وتدبير الْعَمَل لكَونه خَارِجا عَن وَسعه، وَلَا تَكْلِيف إِلَّا على قدر الوسع فاحتيج إِلَى ضَابِط بِكَوْن منَاط التَّكْلِيف (فأنيط بِالْبُلُوغِ) حَال كَونه (عَاقِلا، وَيعرف) كَونه عَاقِلا (بالصدر عَنهُ) من الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال، فَإِن كَانَ على سنَن وَاحِد كَانَ معتدل الْعقل، وَهَذَا الِاعْتِدَال إِنَّمَا يحصل غَالِبا عِنْد الْبلُوغ، فأدير التَّكْلِيف عَلَيْهِ تيسير للعباد، فَإِذا بلغ وَمَا يصدر عَنهُ على نمط وَاحِد على الْوَجْه الْمَعْرُوف بَين النَّاس حكم بِكَوْنِهِ مُكَلّفا (وَأما قبله) أَي الْبلُوغ هَل يتَحَقَّق التَّكْلِيف (فِي صبي عَاقل فَعَن أبي مَنْصُور) الماتريدي وَكثير من مَشَايِخ الْعرَاق كَمَا سبق فِي الْفَصْل الثَّانِي فِي الحكم (والمعتزلة إناطة وجوب الْإِيمَان بِهِ) أَي بعقله (وعقابه) أَي الصَّبِي الْعَاقِل (بِتَرْكِهِ) أَي الْإِيمَان لمساواته البالع فِي كَمَال الْعقل، وَإِنَّمَا عذر فِي عمل الْجَوَارِح لضعف الْبَيِّنَة بِخِلَاف عمل الْقلب، غير أَن عِنْد هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخ كَمَال الْعقل معرف للْوُجُوب كالخطاب، والموجب

<<  <  ج: ص:  >  >>