للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إخلاء لَا يُجَاب الشَّرْع من الْفَائِدَة فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة، وَهِي الْجَزَاء إِلَى غير ذَلِك مِمَّا بَين فِي الشَّرْح (وَلذَا) أَي للُزُوم الْحَرج (لَا يقْضِي) أَي لَا يجب عَلَيْهِ قَضَاء (مَا مضى من الشَّهْر) أَي شهر رَمَضَان (إِذا بلغ فِي أَثْنَائِهِ) أَي الشَّهْر (بِخِلَاف الْمَجْنُون والمغمى عَلَيْهِ إِذا لم يستوعباه) أَي الْجُنُون وَالْإِغْمَاء الشَّهْر فَإِنَّهُ يجب قَضَاء مَا فاتهما مِنْهُ لثُبُوت أصل الْوُجُوب فِي حَقّهمَا ليظْهر فِي الْقَضَاء، لِأَن صَوْم مَا دون الشَّهْر من سنة لَا يُوجب الْحَرج (بِخِلَاف الْمُسْتَوْعب من الْجُنُون) للشهر فَإِنَّهُ لَا يجب فِي حَقه الْقَضَاء، لِأَن امتداد الْجُنُون كثير فَيلْزم الْحَرج، بِخِلَاف الْإِغْمَاء فَإِنَّهُ يثبت الْوُجُوب مَعَه إِذا استوعب الشَّهْر ليظْهر حكمه فِي الْقَضَاء، لِأَنَّهُ نَادِر وَلَا حرج فِي النَّادِر (والممتد مِنْهُمَا) أَي وَبِخِلَاف الممتد من الْجُنُون وَالْإِغْمَاء (يَوْمًا وَلَيْلَة فِي حق الصَّلَاة) قَالَ الشَّارِح رَحمَه الله: وَهَذَا سَهْو، وَالصَّوَاب مَا نذكرهُ فِي بحث الْجُنُون أَكثر من يَوْم وَلَيْلَة فَإِن الممتد مِنْهُمَا يَوْمًا وَلَيْلَة فِي حق الصَّلَاة لَا يمْنَع ثُبُوت الْوُجُوب مَعَه ليظْهر فِي حق الْقَضَاء لعدم الْحَرج بِانْتِفَاء ثُبُوت الْكَثْرَة لعدم الدُّخُول فِي حد التّكْرَار انْتهى، وَقد يُجَاب عَنهُ بِأَن المُرَاد بِقَرِينَة مَا سَيَأْتِي المتجاوز مِنْهُمَا يَوْمًا وَلَيْلَة لما فِي الامتداد من معنى التجاوز وَلَا يخفى مَا فِي عباراته من ترك الْأَدَب مَعَ الْأُسْتَاذ (بِخِلَاف النّوم فيهمَا) أَي الْيَوْم وَاللَّيْلَة استيعابا لَهما فَإِنَّهُ لَا يمْنَع ثُبُوت الْوُجُوب مَعَه لمصْلحَة الْقَضَاء (إِذْ لَا حرج لعدم الامتداد عَادَة) لِأَنَّهُ نَادِر (وَالزَّكَاة وَإِن تأدت بالنائب لَكِن إِيجَابهَا للابتلاء بِالْأَدَاءِ بِالِاخْتِيَارِ، وَلَيْسَ) الصَّبِي (من أهلهما) أَي الْأَدَاء وَالِاخْتِيَار (وَلذَا) أَي وَلكَون الْإِيجَاب لما ذكر (أسقط مُحَمَّد الْفطْرَة) أَي وُجُوبهَا عَلَيْهِ (تَرْجِيحا لِمَعْنى الْعِبَادَة، واكتفيا) أَي أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف رحمهمَا الله (فِيهِ بالقاصرة) أَي بالأهلية القاصرة فِيهَا فأوجباها عَلَيْهِ (تَرْجِيحا للمؤنة) فِيهَا وَقد سبق أَن قَول مُحَمَّد أوضح (وَبِخِلَاف الْعُقُوبَات كَالْقصاصِ والأجزية كحرمان الْإِرْث بقتْله) لمورثه فَإِنَّهَا لَا تجب عَلَيْهِ لعدم أَهْلِيَّته للعقوبات وَالْجَزَاء لِأَنَّهُمَا للتقصير، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله: (لِأَنَّهُ) أَي الصَّبِي (لَا يُوصف بالتقصير، وَاسْتثنى فَخر الْإِسْلَام) وَالْقَاضِي أَبُو زيد والحلواني (من الْعِبَادَات الْإِيمَان فَأثْبت) فَخر الْإِسْلَام وَمن وَافقه أصل (وُجُوبه) أَي الْإِيمَان (فِي الصَّبِي الْعَاقِل لسببية حُدُوث الْعَالم) لما فِيهِ من الْآيَات الدَّالَّة على وجود الْمُحدث تبَارك وَتَعَالَى لنَفس وُجُوبه وَقيام الذِّمَّة لَهُ (لَا الْأَدَاء) أَي لم يثبت وجوب الْأَدَاء لِأَنَّهُ بِالْخِطَابِ، وَهُوَ لَيْسَ بِأَهْل للخطاب لعدم كَمَال الْعقل واعتداله (فَإِذا أسلم) الصَّبِي (عَاقِلا وَقع) إِسْلَامه (فرضا) لِأَن صِحَّته لَا تتَوَقَّف على وجوب الْأَدَاء بل على مشروعيته كَصَوْم الْمُسَافِر، ثمَّ هُوَ فِي نَفسه غير متنوع إِلَى فرض وَنفل فَتعين كَونه فرضا (فَلَا يجب تجديده) أَي الْإِسْلَام حَال كَونه (بَالغا كتعجيل الزَّكَاة بعد السَّبَب) لوُجُوبهَا إِذْ كل مِنْهُمَا وَقع بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>