للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَقبل الْولادَة ثمَّ نفس مُنْفَصِل من وَجه) لاستقلاله بِنَفسِهِ من جِهَة التفرد بِالْحَيَاةِ وَإِن كَانَ جُزْءا من أمه من وَجه لقراره وانتقاله بقرارها، وانتقالها كيدها ورجلها، وتبعيته لَهَا فِي الْعتْق وَالرّق ودخوله فِي بيعهَا (فَهِيَ) أَي الذِّمَّة ثَابِتَة لَهُ (من وَجه من الْوُجُوب لَهُ من وَصِيَّة وميراث وَنسب وَعتق على الِانْفِرَاد) أَي دون الْأُم إِذا كَانَ مُحَقّق الْوُجُود وَقت تعلق وُجُوبهَا لَهُ على مَا عرف فِي مَحَله (لَا عَلَيْهِ) أَي غير ثَابِتَة فِيمَا يجب عَلَيْهِ (فَلَا يجب فِي مَاله ثمن مَا اشْترى الْوَلِيّ لَهُ، وَبعد الْولادَة تمت لَهُ) الذِّمَّة من كل وَجه (فاستعقبته) أَي الذِّمَّة الْوُجُوب (لَهُ وَعَلِيهِ إِلَّا مَا) أَي إِلَّا وجوب فعل (يعجز عَن أَدَائِهِ لانْتِفَاء فَائِدَته) أَي ذَلِك الْوُجُوب. ثمَّ بَين الْمُسْتَثْنى بقوله (مِمَّا لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْهُ مُجَرّد المَال) كالعبادة الْمَحْضَة، فَإِن فَائِدَة وُجُوبهَا الْأَدَاء على سَبِيل التَّعْظِيم عَن اخْتِيَار وَقصد صَحِيح، وَالصَّبِيّ الَّذِي لَا يعقل لَا يتَصَوَّر مِنْهُ مَا ذكر وَالَّذِي يعقل عَن أَدَائِهِ وَلَا يَنُوب عَنهُ وليه فِي ذَلِك، لِأَن ثُبُوت الْولَايَة جبري لَا اختياريّ: فَلَا يصلح طَاعَة (وَذَلِكَ) أَي مَا بَقِي بعد الثنيا: أَي مَا يجب على الصَّبِي الْمَذْكُور مِمَّا الْمَقْصُود مِنْهُ مُجَرّد المَال (كَمَال الْغرم) أَي الغرامات الْمَالِيَّة الَّتِي هِيَ من حُقُوق الْعباد كَمَا لَو انْقَلب على مَال إِنْسَان فأتلفه عَلَيْهِ الضَّمَان (والعوض) فِي الْمُعَاوَضَات الْمَالِيَّة من البيع وَالشِّرَاء وَنَحْوهمَا لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُمَا المَال جبرا لفائت، وَأَدَاء لحق الْمُعَارضَة لَا الطَّاعَة، فَيحصل بأَدَاء وليه (والمؤنة) أَي مُؤنَة مَا فِي ملكه من الأَرْض وَغَيرهَا (كالعشر وَالْخَرَاج وصلَة كالمؤنة) أَي وَمثل تَشْبِيه صلَة الْمُؤْنَة (كَنَفَقَة الْقَرِيب) فَإِنَّهَا تشبه الْمُؤْنَة من جِهَة أَنَّهَا تجب على الْغَنِيّ كِفَايَة لما يحْتَاج إِلَيْهِ أَقَاربه، وَكَذَا لَا يجب على غير الْمُوسر، وَالْمَقْصُود مِنْهَا سد خلة الْقَرِيب بوصول كِفَايَته، وَذَلِكَ بِالْمَالِ (وكالعوض) أَي وَمثل صلَة تشبه الْعِوَض (كَنَفَقَة الزَّوْجَة) فَإِنَّهَا تشبهه من جِهَة وُجُوبهَا جُزْء للاحتباس الْوَاجِب عَلَيْهَا، وَمَا جعلت عوضا مَحْضا لِأَنَّهُمَا لم تجب بِعقد الْمُعَاوضَة، ولكونها صلَة تسْقط بمضيّ الْمدَّة إِذا لم يُوجد الْتِزَام كَنَفَقَة الْقَرِيب، ولشبهما بالأعواض تعْتَبر دينا بالالتزام (لَا) مَا يكون من الصِّلَة (كالأجزية) فَإِنَّهَا لَا تجب فِي مَاله (كالعقل) أَي كتحمل شَيْء من الدِّيَة مَعَ الْعَاقِلَة فَإِنَّهُ صلَة، لَكِن فِيهِ معنى الْجَزَاء على ترك حفظ السَّفِيه وَالْأَخْذ على يَد الظَّالِم، وَلذَا اخْتصَّ بِهِ رجال الْعَشِيرَة دون الصَّبِي وَالنِّسَاء لأَنهم لَيْسُوا من أهل الْحِفْظ مَعَ أَنه عُقُوبَة وَالصَّبِيّ لَيْسَ من أَهلهَا، وَهَذَا (بِخِلَاف الْعِبَادَات كَالصَّلَاةِ) فَإِنَّهَا لم تجب عَلَيْهِ (للْحَرج) وَذهب بعض الْمَشَايِخ كَالْقَاضِي أبي زيد إِلَى وجوب حُقُوق الله تَعَالَى جَمِيعًا على الصَّبِي، لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على صِحَة الْأَسْبَاب وَقيام الذِّمَّة وَقد تحققا فِيهِ، لَا على الْقُدْرَة والتمييز لِأَنَّهُمَا قد يعتبران فِي حق وجوب الْأَدَاء، وَهُوَ غير أصل الْوُجُوب، ورده الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُم بِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>