للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيحِ محمد رشيد رضا (ت: ١٣٥٤ هـ) إلى توحيدِ المذاهبِ (١)، وكذلك ما قرره الشيخُ محمد الباني (ت: ١٣٥١ هـ) (٢).

وقبلَ بيانِ مشروعِ توحيدِ المذاهبِ أُحِبُّ أنْ أنبّه إلى النقاطِ الآتيةِ:

الأولى: رغّبَ الشيخُ عبدُ القادر بنُ بدران في توحيدِ المذاهبِ في أبوابِ المعاملاتِ، دونَ أبواب العبادات، وبقراءة كلامِه يظهر أنَّه أراد تقنينَ الأحكام في ضوءِ قولٍ واحدٍ، يقول في إجابتِه عن سؤالِ إمكانيّة توحيدِ المذاهب: "هاهنا تفصيل: فإنْ كانَ توحيدُ المذاهبِ في العباداتِ، فهذا لا يمكنُ ... وإنْ كانَ في المعاملاتِ، وكان الموحّدون للمذاهبِ أصحابَ علم واجتهادٍ، وأصحابَ معرفةٍ بأحوالِ الزمانِ، ومعرفةٍ بالمصالحِ المرسلة: فإنَّ توحيدَ المذاهبِ هذه أولى مِنْ اختراعِ القوانينِ المبتدعةِ، ومِن السيرِ على نمطِ القوانينِ الأُورباوية التي لم تزلْ عُرْضةً للتغييرِ والتبديلِ ... " (٣).

الثانية: نَسَبَ الشيخ محمدٌ الباني القولَ بتوحيدِ المذاهبِ إلى علماءِ عصرِه وحُكمائِه المجددين (٤).

الثالثة: يختلفُ مفهومُ توحيدِ المذاهبِ عند بعضِ الداعين إليه فيما بينهم، فالمتبادرُ مِنْ قولهم: توحيد المذاهب أنْ يكونَ للمسلمين مذهبٌ واحدٌ، لكنَّ الشيخَ محمدًا الباني فسَّر توحيدَ المذاهبِ - الذي دعا إليه العلماءُ في عصرِه - بـ: "التوفيق بينها فيما يمكنُ التوفيق به؛ قصرًا للطريقِ على طالبِ التفقه في دينِه، وخروجًا مِنْ خلافِ العلماءِ حسب الإمكانِ؛ أخذًا بالورعِ" (٥).

وأعدُّ ما قرره الشيخُ محمدٌ الباني مِنْ اللبناتِ الأُوْلى في طريقِ توحيدِ المذاهبِ؛ إذ جاءَ بعده مَنْ لم يقصرْ توحيدَ المذاهبِ على ما يمكنُ التوفيقُ فيه فحسب، بل جَعَلَ دعوته لتوحيدِ المذاهبِ في جميعِ المسائلِ.


(١) انظر: مجلة المنار (٤/ ٦٩٢).
(٢) انظر: عمدة التحقيق (ص/ ٤٤).
(٣) المواهب الربانية (ص/ ٢٠٢).
(٤) انظر: عمدة التحقيق (ص/ ٤٤).
(٥) المصدر السابق (ص/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>